المشاركات

عرض المشاركات من 2014

عن التلاكيك أتحدَّث

صورة
التلاكيك هي كلمة بالعامية المصرية الأصيلة، وهي جمع لكلمة تلكيكة، وهي كلمة مؤنثة كما هو واضح من تاء التأنيث، فكل ما هو يُسبب الضيق في هذه الحياة غالباً ما يكون مؤنثاً كما تعلمون بالضرورة، وإن كان هذا هو ليس موضوعنا الآن. وفعل "التلكيك" هو أن يترك المرء الموضوع الأساسي وينشغل بالفرعيات، أي أن يتغاضى عن المُشكلة الأساسية ويتفرَّع إلى مُشكلة جانبية لن تُسمن ولا تُغني من جوع، وبمعنى أدق: أن يتعمَّد المرء أن يُبرز النقائِص في الشيء مهما بلغتْ تفاهتها وعدم تأثيرها، ويترك الأشياء الكاملة الصحيحة مهما عظُمت قيمتها. ويتم استخدام "التلاكيك" غالباً عندما يترصَّد أحدهم شخصاً ما فيتعمَّد أن "يتلكَّك له" على أي شيء، أي أن يعتبر أي فعل يصدُر من الشخص المرصود هو إعلان عن إبداء العداء نحوه، فلو تحدَّث معه بصوت مُرتفع قليلاً لقال عنه أنه يصرخ فيه، وأنه يُهينه أمام الناس، ولو أنه نسي أن يُلقي عليه السلام لإنشغاله أو لعدم رؤيته بوضوح لقال عنه أنه يتعمَّد تجاهله، ويصل الأمر إلى ذلك المثال السينيمائي الشهير: إنت كمان بتقول صباح الخير؟ وربما كان عصر التلاكيك الذهب

إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ

صورة
  من عجائب هذا الزمان الغريب أن هناك مُفارقات غريبة بين أشكال المُعاناة التي يواجهها البشر في أوطاننا العربية - كُلُّ حسب مُستواه المادي والإجتماعي - ولكن بشكل مُستفزللغاية! فبينما نجد أن الجمع الساحق من أفراد هذا الشعب - وهم تحت مستوى الطبقة المُتوسطة - تكون مُعاناتهم في أن يجدوا قوت يومهم أو أن يستطيعون الإنفاق على تعليم أبنائهم أو مُعاجتهم إذا مرضوا، نجد في المُقابل مَنْ يشكون مُرَّ الشكوى من سواد الدُنيا في عيونهم بسبب عدم مقدرتهم على سداد أقساط الفيلا أو شاليه في الساحل الشمالي، أو بسبب أنهم يحلمون بتغيير السيَّارة التي يملكونها إلى النوع الأفضل، ويعتبرون أن حياتهم قد صارتْ في جحيم بسبب ذلك. وعنوان هذا المقال يتحدَّث عن تلك الفئة الثانية، وهي الفئة التي ينطبق عليها قول الله تعالى في قرآنه الكريم في الآية 6 من سورة العاديات (إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ) علماً بأن الكنود هو الإنسان الذي يذكر المصائب وينسى النعم العديدة التي أنعمها عليه الله عز وجل، وهذا حال كثير من الناس، فإذا سألته عن أحواله فإنه يذكر مُشكلة ما تواجه

الوجه الآخر لأمريكا

صورة
كنت قد كتبت هذا المقال منذ عامين كاملين، ولا أدري لماذا لم يتم نشره منذ ذلك التاريخ وحتى الآن! ولكني وجدته أنه لا يزال صالحاً للنشر بتاريخ اليوم رغم أن الأرقام غير محدثة بالطبع     في البداية .. أحب أن أسرد تعريفات لا بد منها رقم البليون هو المليار .. أي الألف مليون ورقم التريليون هو الألف بليون .. أو الألف مليار كيف هو الحال بين 3 إدارات مختلفة تعاقبت على الولايات المتحدة الأمريكية؟ إدارة كلينتون .. إدارة بوش .. إدارة أوباما فإذا علمت أن إدارة بوش ورثت من إدارة كلينتون فائضا في الميزانية قدرة تريليون دولار وإذا علمت أن إدارة بوش أورثت لإدارة أوباما عجزا قدره ثلاثة تريليون دولار فأين ذهبت تلك الأموال إذا؟ الإجابة: ذهبت إلى تغطية تكلفة الحروب على أفغانستان والعراق والإرهاب طيب ماذا تفعل إدارة أوباما الآن؟ تعد تلك الإدارة أن يتقلص العجز تدريجيا حتى يتلاشى بعد عشرة أعوام من الآن لكن ميزانية وزارة الدفاع (لاحظ الإسم .. الدفاع) هي 708 بليون دولار هذا العام أي أن الولايات المتحدة تنفق على (الدفاع) مبلغ 2 بليون دولار يوميا والسؤال التالي: من هم

أحبب من شئت فإنك مُفارقه 2

صورة
  هذه التدوينة شخصية، وهي للتوثيق والتأريخ ليس أكثر. ترددت كثيراً في الكتابة من جديد عبر صفحات المدوَّنة، وخصوصاً أنني صرت مُنشغلاً جداً عن مُتابعة تدوينات الأصدقاء اللذين اعتدت على مُتابعة كتاباتهم، رُبما مضى من الزمن شهرين أو أكثر لم أتصفَّح فيها المدوَّنات، وتراكمت التدوينات الغير مقروؤه في قائمتي الخاصة بشكل رهيب، لكن ليتجدد الأمل مرة أُخرى على وعد مني لنفسي بأن أعود إلى هًنا وإلى صفحات الأصدقاء عما قريب. لكن لابد أن أكتب هذه التدوينة اليوم، وكما ذكرت فهي تدوينة شخصية للتأريخ. كنت قد كتبت منذ سبعة أعوام تدوينة مُماثلة بعنوان أحبب من شئت فإنك مُفارقه ، كان ذلك أثناء رحيل آخر من مكان إلى مكان، ومن منزل إلى منزل، ومن بلد إلى بلد آخر بعيد، وسألت نفسي حينها: ما فيش رجوع يا مراكبي وألا إيه؟ واليوم، وبعد ثلاثمائة رحلة دولية أرهقتني وفتت من جسدي وروحي تماماً، أجد نفس الموقف يتكرر مرة أُخرى، فهو رحيل آخر، أترك فيه كل ما اعتدت عليه طيلة سبعة أعوام، حدث فيها ما حدث، وتغيرت الظروف والأحوال بشكل لم أكن أتوقعه أبداً حينها، وبعد كل هذا العُمر أجدني لازلت أسأل نفسي: ما فيش رجوع يا مر

حَطْ إيدُه ياه

صورة
موضوعنا اليوم عن الغَزَل، وما أدراكم ما الغَزَل. بداية لابُد منها: أدوب أنا .. وهي احدى لزمات العبد لله الشهيرة، وفي رواية أُخرى للفنان عبد المنعم ابراهيم (المعروف باسم ياسين ابن السيد أحمد عبد الجواد) في فيلم بين القصرين: أحبك يا أبيض، وفي رواية ثالثة للفنان عبد الفتاح القصري: يا صفايح الزبدة السايحة .. يا براميل القشطة النايحة ..   يا أرض احفظي ما عليكي، كان ذلك قبل أن تمُر أمامه زينات صدقي ليُغير من رأيه السابق فوراً إلى العكس. المهم، كان الغَزَل (والمفروض أنه لا يزال) فعلاً تلقائياً، لا يُمكن للمرء أن يتصنعه وإلا خرج (مفقوساً) أنه كاذب وغير حقيقي، يصدُر فعل الغَزَل عندما يرى الرجل تلك المرأة التي تُخرجه عن وقاره وشعورة فلا يسعه (دون أن يدري) إلا أن يُعبر عن اعجابه بها أو بجمالها (أو بأي عضو فيها) فينطق شعراً أو نثراً أو اطراءاً .. أو يفتح فمه من الدهشة كفَرَس النهر (سيد بيه قشطة). ويحضرني هنا جُملة للكاتب عُمر طاهر في كتاب (رصف مصر) يقول فيها: ليرزقني الله بعيون تثير في القلب مزيجاً من الدفء والحيرة، عيون عندما تلتقي بها تتحول إلى درويش يردد بهيستر