العيب
كُنَّا دائماً ونحن صِغار، تخترق
آذاننا كلمة نسائية شهيرة: أنا رايحة الصالون، أنا جايَّة مِن الصالون، عَرفت فيما
بعد أنه المكان الذي تتجمَّل فيه النساء، وأدوب أنا.
طلبتُ كثيراً مِن فَتَيَات العائلة أن
تصحبني إحداهُنَّ إلى هُناك، فقد كنتُ أعشق رُؤية تلكَ اللحظات التي يتم فيها طِلاء
الأظافر، لكنهُنَّ كُنَّ يرفُضنَّ اصطحابي وبِشدة، قالتْ لي إحداهُنَّ أن ذلك
"عيب" ثُمَّ تكرَّرتْ تلكَ المقولة مِن أكثر مِن فتاة، وأنا لا أدري ما
هو ذلك "العيب" الذي يفعلنَهُ هُناك في الصالون!
قالتْ لي إحداهُنَّ بعد ذلك إنها أُمورٌ
نِسائيَّة لا يصح ل "ذكرٍ" مثلي أن يراها، وهو ما أكدَّهُ لي ذلك الموقف
الغريب حينما كانتْ إحدى أقاربي على مشارف الزفاف إلى زوجها بعد يومين، فاجتمعتْ
بعض الفتيَات في المطبخ وهُنَّ يقمُنَّ بإعداد شيءٍ ما على موقد الطعام وأنا لا
أدري ما هو ذلك الشيء الذي يقومون بطبخه، ثُمَّ أخذْنَ ما طبخوه إلى غُرفة أُختي
الكبيرة ولم يسمحوا لي بالدخول معهُنَّ، ثُمَّ مَكثْنَ ساعةً كاملةً يصرُخْنَ حيناً
ويضحَكْنَ حيناً، وأنا لا أفهم ما الذي يحدُث.
عِندما طَرقتْ عليهنَّ الباب طالباً السماح
لي بالدخول، قالتْ لي إحداهُنَّ مِن خلف الباب أن ذلكَ "عيب" وهو ما
جعلني أربط بِشدة بين العيب الذي يفعلونه بالصالون، وبين العيب الذي يوجد بالداخل
الآن.
بالطبع عندما قُمنَ بِفَتح الباب دخلتُ
بِسُرعة لأُشاهد ذلك العيب فلم أجد شيئاً!
قمتُ بعد ذلك بمُتابعة تلك التردُّدات
التي يقُمنَ بها فتيَات العائلة إلى الصالون فاكتشفت أن ذلك يكثر تحديداً في ليالي
الأعياد المُختلفة، انتابني خَلْطٌ في رأسي بسبب ذلك العيب المجهول، ما هي مُميزات
أن يفعلنَ ذلك العيب في الصالون في أيام الأعياد؟ وهل العيب في الصالون أكثر
امتاعاً عنه في المنزل؟ كان الأمر شديد الغرابة، وكاد فضولي أن يقتلني، إلى أن
طمأنتي احداهُنَّ عندما قالتْ لي: ستعرف كُل شيءٍ عندما تُصبح كبيراً، وهو ما
جعلني أهدأ وأنتظر، فالمسألة مسألة وقت لا أكثر، لأنتظر إذاً.
تمر الأيَّام وألتحق بالمدرسة
الإعدادية، يزورنا بعض الأقارب فيربِتْ أحدهم بيدِه على رأسي ويقول لي: ما شاء
الله لقد صِرتَ كبيراً، أفرح كثيراً لهذا الإعتراف، أصرخُ في فرحةٍ ولهفةٍ وأقول:
ياله مِن خبرٍ رائع، لقد انتظرتُ هذا اليوم طويلاً، قولوا لي إذاً .. ما هو العيب
الذي يفعلنه البنات في الصالون؟
كانت تلك هي المرة الأولى التي يتم
فيها ضربي بالمنزل، كُنتُ مُدللاً طِيلة عُمري، لماذا ضربوني بِوَحشيَّةٍ هكذا؟ هل
كانت فتيَات العائلة يَقُمنَ بتضليلي؟ هل ذلك العيب هو أمرٌ خطير لدرجة أن السؤال
عنه قد أصبح مِن الكبائر؟
كان لابُد لي مِن استشارة أصدقاء
السوء في المدرسة، كان الإستهزاء واضحاً في ردودهم عليَّ، إلى أن طمأنني أحدهم
وقال إنني سأعرف كل شيء عندما أتزوَّج! سألت نفسي حينها .. كيف لهذا الصديق أن
يعرف ماهو ذلك العيب؟ هل مِن المعقول أنه تزوَّج في هذه السِن الصغيرة؟ ياله مِن
أمرٍ غريب!
عُدتُ إليهم في المنزل لأطلب مِنهم أن
يزوِّجونني، ضحكوا طويلاً وسادتْ بينهم حالة مِن الهمز واللمز والتلميحات التي لم
أفهمها، سألوني عن سبب طلبي ذلك، لكنني لم أُفصِح لهم عن السبب، لقد تعلمت أن
السؤال عن العيب الذي تفعله النساء في الصالون هو أمرٌ جلل، ولن أسالهم عنه
ثانيةً.
لكن نقاشاتنا عن الزواج لم تنته، كُنتُ
مُصِرَّاً للغاية على أن يزوجونني، بينما هُم في المُقابل بدأو معيَ حملةً واسعةً
لتوعيتي بتبعاتِ الزواج، حدثوني عن المَسكَن والأثاث والمفروشات، حدثوني عن
الأجهزة المَنزليَّة والأواني والتشطيبات المُختلفة مِن أرضيَّات وحوائط وأعمال
صحيَّة وكهربائية، حدثوني عن حفل الزفاف ومُستلزمات العروس، وكُل ذلك وأنا فاغر
الفَمِّ لا أُصدق هَوْلَ ما أسمع، كُل ما كُنتُ أُريده هو أن أعرف العيب ليس أكثر،
ما كُل هذا التعجيز؟
لكنني لم أستسلم، وضعتُ الزواج هدفاً
نُصبَ عينيَّ، وعبرت كافة تلك الأهوال والمصاعب، لقد اجتهدت جداً في كافة سنواتِ
دراستي، التحقتُ بإحدى كليَّات القِمَّة وتخرجتُ مِنها بنجاح، ثُمَّ التحقت بوظيقةٍ
مرموقةٍ أدرَّتْ عليَّ دخلاً كبيراً مَكَّنني مِن أن أتزوَّج في وقتٍ قصير بعد
تخرُّجي في الجامعة، وها أنا ذا أخيراً أنفردُ بزوجتي الفاتنة لأولِ مَرَّة، فقد
كان اليوم هو يوم زفافنا.
كانت العروس خَجِلَةً للغاية، أمسكت
بيديها بحنان شديد فازدادتْ حُمرَة وَجهِها بِشدة، اقتربتُ مِنها فانتفضتْ بعيداً
عنِّي، لم أستسلم واقتربتُ مِنها مُجدداً فأمسكتْ بطرفِ ثوبها وهرولتْ بعيداً
عنِّي في اتجاه غُرفة النوم، لحقتُ بها وهي تُحاول أن تُغلق الباب بينما أنا
أُقاومها، كانت تُحاول إغلاق الباب بينما أنا أُحاول أن أفتحه، تغلَّبت عليها
فهرولتْ إلى الداخل نحو الفراش وصَعَدتْ فوقه، قالتْ لي وهي ترتعدْ: ماذا تُريد
مِنِّي؟ قُلتُ لها: لا تخافي أرجوكِ، فأنا زوجكِ .. حبيبك ..
قالت: أعلم أنك زوجي، لكنِّي مُحرجة
جداً اليوم، أرجوك أن تتركني الآن ..
قلتُ: حسناً يا حبيبتي، لكن على الأقل
لابُد أن نفعل شيئاً هاماً اليوم ..
ارتعدتْ زوجتي بِشدةٍ وقالت وهي
تتلعثم: وما هو هذا الشيء؟
قُلت: خبريني بالله
عليكِ .. ما هو العيب الذي كُنتِ تفعلينه في الصالون ليلة أمس؟
تعليقات
واروح اقرأ :)
هذا هو جواب السؤال؟ام هو بداية التساؤل
وعامة لما تكبر حتعرف:)
فى حالتك دى يمكن لو عرفت ايه العيب اللى بيتعمل فى الصالون يمكن كنت فضلت حر و عازب مش متعزب بسبب اسرة ترفض ان تقول الحقيقة
يا لهوى
دا اغلى سؤال شفته ف حياتى
اندفع فيه حياة كاملة عشان يتجاوب
:)
حياة سعيدة ومديدة
ومليانة فرحة دايما يارب
:)
يا لهوى ع الرجالةبتوع جيلى
كانوا غلابة قوى بجد
واحنا كمان كنا بنات خيبة
لما بتفرج دلوقتى على تويتر
واشوف كلام الولاد والبنات الصغيرين
فبقول سبحان الله ...
بيقدروا يعرفوا كل حاجة
بكبسة زر ... زى ما بيتقال
انها لثورة معلومات فعلا
وتبص تلاقيهم متململين
وآل مش عاجبهم كمان ...شوف ازاى !!
خالص ودى يا غالى
وبترجعنى للماضى الجميل ف ثانية
بكتاباتك الدافية
:)
فى الغالب هتكون قالت له عيب بردو
فكرتنى بإبنى لما سألنى هى عمتو جابت النونو إزاى؟ قولتله الدكتور فتح بطنها وطلع النونو
بعد إسبوع لقى قطة والدة عندنا فى العمارة قالى هى القطة كمان فى دكتور قط جه فتح بطنها وطلع النونات دى؟ وراح سايبنى وماشى
فكرة البوست حلوة أوى
قاتل الله الفضول :-)
حلوة قوي ومعناها مهم جدا :)
بس العروسة هاتقول ايه على العريس ده
" خييييبه"
يعني ماكانش بشوية قوة ملاحظة وحصافة يقدر يميز التغيرات التابعة للعيب اللي حصل ده؟؟؟؟
صباحك سكر :D
لذيذة جداً ومميزة جداً
فقط أنا أندهشت وقلت ياااه لهذا العيب الذي حدث داخل صالونات الحريم ومنعوك من الدخول من أجله، أمال كنت ها تعمل ايه لو دخلت وأنت صغير حمامات الحريم التي كانت منتشرة زمان في مصر ( السونة البلدي بتاعة زمان )
لقد فعلتها أنا وكنت أتجول بينهم وأنا مندهشاً لتلك الكتل الضخمة من اللحم والتي أراها أمامي ومنتشرة في في كل ركن من أركان الحمام وفي مغطس المياه الدافئه كنت أشعر وانا من اراهم داخل حمام الحريم بأنهم مخلوقات أخرى غير تلك التي بالخارج
جرجرتني لكلام ماكنتش احب أقوله
تحياتي لإبداعاتك
حسن أرابيسك
ولدت في عائله بنات ، كل عماتي وخالاتي ينجبن بنات ، اعمامي واخوالي انجبوا بنات ، نعرف طبعا عالم البنات وتفاصيله ، لكنا لانعرف شيء عن عالم الاولاد والصبيان ؟؟؟
لانجروء نسأل طبعا والا نصيبنا العلقه السخنه اللي انت خدتها ..
صديقات السوء يفتين بتفاصيل من نسج الخيال لايعرفوها مثلنا ..
نبقي غارقين في الجهل ، لغايه مانتجوز وساعتها نكتشف ان قله المعرفه اهو من الجواز !!!
ههههههههه ، حلوه قوي يااحمد
الحب لايعرف الأرهاب
هي قطعة أدبية جديدة ومتفردة وجريئة للكاتبة الرائعة/ سهى زكي من جريدة أخبار اليوم
وسهى زكي عندما تكتب من واقع تجربتها الصعبة في الحياة كأمرأة تكتب ما بكل ماأوتيت المرأة وهي وحيدة من صلابة ومن ضعف وحب شوق و حزن ووحدة .
ورغم أني لا أحب تصنيف أن هناك أدب للمرأة وأدب للرجل ، إلا أن أدب سهى زكي يحمل في رحمه تجربة المرأة بكل أبعادها الانسانية في فرحها غير المكتمل وفي حزنها الذي لايميت
مدونة سهى زكي ، مدونة لمن يستحق أن يقرأها
http://soha-zaki.blogspot.com/
كل سنة وانت طيب
احنا نعرف الحلاقين بس
كل عام انتم بخير
تحياتي
تسلم الأيادي يا أحمد :)
سرد رائع احييك عليه :)
تحياتى بعد طول غياب وجدتك تزداد تألقا بعد تألق سعيد بوجودى :)
:-)
ثقافة الهزيمة .. مغارة على بابا
و نشرت جريدة المصرى اليوم فى 19 أكتوبر 2012 " خبير دولى: إسرائيل وقبرص تستوليان على غاز مصرى بـ200 مليار دولار" حذر د.نايل الشافعى، مستشار الهيئة الفيدرالية الأمريكية للاتصالات، من مساعى 3 دول للاستيلاء على الاحتياطى المصرى، فى منطقة شرق المتوسط، والذى يقدر بمئات المليارات من الدولارات، أن حقلى الغاز الملاصقين لمنطقة "لفياثان" الذى اكتشفته إسرائيل فى 2010، وأفروديت الذى اكتشفته قبرص فى 2011 باحتياطات تقدر قيمتها بـ200 مليار دولار، يقعان فى المياه الإقليمية الخالصة لمصر، شرق البحر الأبيض المتوسط ،
إسرائيل تعمل داخل حدود مصر، واستولت على منطقة تنقيب غازها، بمساندة قبرصية، معتمدة على رسم الحدود البحرية بين قبرص ومصر بشكل خاطئ، موضحاً أن حقل "لفياثان" ، يبعد عن دمياط 190 كيلو متراً وعن "حيفا" الفلسطينية المحتلة، داخل الحدود الإسرئيلية 235 كيلو متراً، الخط الافتراضى بين حدود مصر البحرية القبرصية، رسمته تل أبيب ونيقوسيا فى غياب القاهرة بهدف إبعاد مصر عن جبل "راتوستينوس" المنطقة الغنية بالغاز الطبيعى، حتى يكون لإسرائيل حق التنقيب فيها، رغم أنها ضمن الحدود المصرية...
وحذر الخبير من رغبة اليونان، فى الاستيلاء على منطقة "أوليمبى" الطبيعية، بالقرب من مرسى مطروح، مطالباً الحكومة بالحذر عند التوقيع على أى اتفاقيات معها، مشيراً إلى أن مناقشات البرلمان اليونانى، تعول على منطقة "أوليمبى" لتنمية اقتصاد بلادها المتعثر. وشدد "الشافعى" على ضرورة ترسيم الحدود البحرية مع الـ9 دول، خاصة إسرائيل وقبرص واليونان، للحفاظ على ثرواتنا الطبيعية......
باقى المقال بالرابط التالى www.ouregypt.us
الفكرةوالتناول رائع وجذاب
في مقالك التالي أعتقد أن الزيادة السكانية ليست عيب بقدر ما هي ميزة خاصة وأننا مجتمع شاب
وأتفق معك في أمر ضيق الأفق لدى جميع أطراف المشكلة
الجن
كانت فكرة الراوي مميزة وعرض وجهة نظر الطرف الآخر بارعة
أما موضوع رائحته
فقد شممت بالفعل بتلك الروائح تنبعث من بين سطور النص
------------
على فكرة إفتقد مدونتك وتدويناتك كثيراً
وأعلم جيداً أنني المقصر وأيضاً الخاسر لحرماني من تلك المتعة التي اشعر بها وأنا في ضيافتك