كفِي تكفي

بعد يوم عمل طويل ومرهق كما هي أيامه كلها .. خرج الرجل من البناية الضخمة التى تضم شركته متوجها إلى سيارته فى هدوء وهو يحس بالتعب يحل على جسده .. يجلس بجوار سائقه الذى ينطلق به وهو يسأله إن كان سيتوجه إلى البيت؟ يومىء برأسه وهو يبتسم فى وجهه .. يبادره السائق بإبتسامة حانية محدثا نفسه بأنه فى أعماقه يحب هذا الرجل المكافح جداً.. يرى فى أى شخص مثله قوة لا يجدها بنفسه .. يؤكد بداخله أنه يؤمن أن الله خلق الناس طبقات .. ولكن هذا الرجل لا يحب تعليق عنوان طبقته على ياقة قميصه رغم ما وصل إليه من منصب وجاه .. بخلاف أنه يجزل له دوماً العطاء وكأنه مدين له بدين لا يعرفه . وفى إشارة المرور .. وكما هى العادة .. يتمزق قلب الرجل عندما يلمح ذلك الولد يقترب منه ليحاول بيعه بضع أكياس من المناديل .. وكما هى العادة أيضاً ينظر للسائق فيشيح الأخير بوجهه إلى الجهة الأخرى .. إنه لا يريد أن تدرك يساره ما قدمت يمينه .. ولا يريد أن يدرك هو نفسه ماذا يقدم لمثل ذلك الصبى المسكين .. فهو عادة يخرج كل ما فى جيبه ويتمنى فى قرارة نفسه لو كان معه أكثر .. يدرك أن منحة كهذه لمسكين يقابله غالباً مرة فى العمر قد تكون فارقة فى...