المشاركات

عرض المشاركات من 2010

عام جديد؟

صورة
خدعوكَ فقالوا أن هناك عاماً جديداً سيبدأ بعد أيام قليلة، ولا أنكر أنني قد تم خداعي أنا أيضاً بنفس الطريقة قبل ذلك مراتٍ عديدة. لا أدري من هو ذلك الشخص الذي أقنع الجميع بأن هناك عاماً جديداً سينقضي مع انتهاء ليلة اليوم الواحد والثلاثين من شهر ديسمبر، ليبدأ بعدها عاماً جديداً صبيحة اليوم الأول من يناير؟ ما الذي سيتغيّر فجأةً بين ليلةٍ وضحاها هكذا؟ ما الذي يجعل الإنسان يظنُ أن أموره قد تتيغيّر من حالٍ إلي حال بمُجرد أن يقضي تلك الليلة وكأنه قد سافر فجأةً من بلدٍ إلى بلدٍ آخر فيتغيّر كل شيء من حوله؟ ففي مثل هذه الأيام من كل عام تخرج علينا الصُحف والمَجلات والكُتب وهي تتحدث عن توقعات الأبراج والفلك لما سيقع من أحداث في العام المُقبل، كما نرى أيضاً العديد من الإحصائيات والتقارير التي تتحدث عن أحداث العام المُنصرم، كل هؤلاء يتعاملون مع العام الماضي وكأنه صندوقٌ منفصلٌ بذاته، حيث سيتم اغلاقُه بعد قليل ليرحل بما بداخله، وبعدها تمتلئ القلوب بالأمنيات بأن يكون العام القادم أفضل مما سبقه، وأن تتغير كل الأمور مما هي عليه إلى ما هو أجمل حسناً، لا أعني من كلامي هذا أنني لا أتمنى أن يسود الأمل بيننا

أطول ثوان

صورة
أُدرك وأعي تماما أنها كانت مُجرد لحظات .. ربما مُجرد ثانيتين أو ثلاثة أو أربعة ثوان .. لكنها لم تستغرق أكثر من ذلك أبدا .. ورغم ذلك فقد حدث فيها كل ذلك يقول العلماء أن الأحلام التي نُشاهدها أثناء نومنا لا تستغرق أكثر من خمسة عشر ثانية على أقصى تقدير، لكننا نظنها تستغرق ساعتين أو أكثر كالأفلام، وسبب ذلك هو كثرة وتعاقب وتداخل الأحداث التي نُشاهدها ونعيشها أثناء الحلم، الآن تحققت من كل ذلك بنفسي، وما عشته خلال تلك اللحظات كان أيضا حلم .. أو كالحلم حدث ذلك عندما كنتُ أقود سيارتي بسرعة على الطريق السريع حينما انحرفت نحوي فجأة تلك الشاحنة .. حينها رأيتُ الموت وهو يقترب مني أو أنا الذي أقترب منه .. فلن يستغرق الأمر أكثر من ثانيتين أو ثلاثة أو أربعة ثوان على أقصى تقدير وسأكون قد اصدمتُ بتلك الشاحنة لتسحقني سحقاً ‏.. لم أكن أعرف هل سأشعر بالألم خلال تلك الثواني البسيطة التي ستسبق موتي أم أنني سأموتُ فجأة ولن أشعر بشيء؟ أتمنى دائما أن أفارق الحياة دون ألم ربما كانت ثانيتين أو ثلاثة أو أربعة ثوان .. لكنني تذكرتُ فيها زوجتي بل وتخيلتها وهي تستقبل خبر وفاتي .. أعلم أنها ستجزع وتنهار وقد تظل على

قَطَر التي لم تحصل على صفر

صورة
لنتفق من البداية، لكُل من يريد أن يتحدث عن الريادة المصرية في الماضي، أقول له أنني لا أنسى ذلك الأمر أبداً ما حييت، مثلما لا ينساه كذلك لا القطريون ولا غيرهم من بقية الأشقاء العرب، فالجميع يعي تماما أننا – أعني المصريين -كنا الرواد في جميع المجالات، ولكن ذلك كان في الماضي، بينما نحن نتحدث الآن عن الحاضر فشكراً لكم، ولِنَدَع الحديث عن الريادة المصرية لوقت آخر وحديث آخر ولنتفق من البداية مجدداً، لكُل من يريد أن يُذكرني بأن مساحة دولة قطر لا يمكن مقارنتها بمساحة مصر، أقول له أنني أعلم تماماً أن مساحة دولة قطر تزيد بالكاد عن واحد في المائة من مساحة مصر، أي أنها أنها تُمثل تسعة عشر في المائة من مساحة سيناء ولنتفق مرة أخرى، فلكل من يريد أن يقول أن قطر دولة نفطية وبها أكبر احتياطي للغاز في العالم بينماعدد سكانها لا يتعدى المليون نسمه، أقول له أنني أعرف أن لمصر موارد متعددة لم تنعم بها أية دولة أخرى عبر التاريخ، فمصر تنعم بكل تلك النعم منذ آلاف السنين وحتى الآن، بينما دولة قطر لم تر تلك الثروات النفطية إلا منذ عقود قريبة، فالمقارنة ليست عادلة لأننا كمصريين الأغنى بالفعل، ولهذا حديث آخر المه

إنتخابات .. الفَصل

صورة
لا أذكر سوى ذلك المنظر المهيب لوكيل المدرسة وهو يدخل الفصل الدراسي فجأة مقاطعا شَرح المُدرِس الواقف أمامنا .. وكان في نفس الوقت يجر وراءَه إثنين من المُدرِسين الآخرين .. وبعد حوارٍ سريع خرج الوكيل ومعه أحد المُدرِسين الذين أتى بهما وترك الآخر معنا ليتم الإعلان عن توقُف الشرح نظراً لأننا سنشرع في انتخاب مجموعة منا تُمثل طلاب فصلنا .. كان الموضوع برمته مبهماً وعجيباً .. فنحن لم نطلب أن نُميز أحدنا بشيء .. ولا نفهم ما الفائدة التي ستعود علينا من جراء ذلك الأمر .. إلا أننا سَعدنا جدا بتوقف الشرح لنبدأ اللعبة .. لعبة انتخابات الفصل كان أول منصب سيتم انتخابه هو منصب الألفى .. وهو ما يعني قائداً للفصل أو كابتن الفريق .. نظر المدرسان في وجوهنا جميعاً ثم اختارا معا في وقتٍ واحد زميلنا مُحمد أبو زيد .. كان مُحمد أبو زيد أضخمنا حجماً وأكثرنا شراسةً .. وكان متوسطاً في تحصيله الدراسي .. وكان يستخدم قوته في مضايقة من هم أضعف منه وتحديدا المتفوقين منهم .. لا أدري لماذا وقع اختيارهما عليه ليكون قائداً للفصل؟ فقد كان أغلبُنا يكرهُه .. وكرهتُ حينها لذلك السبب لفظة الإنتخابات .. فقد فهمتُ حينها أن الانت

أُسطورة

صورة
تحكي الأُسطورة عن أنه قد خُلِقَ لكلِ رجلٍ في الكون امرأة تناسبه تماما في كل شيء .. تتفق معه وتتوافق معه في كل طباعه وتصرفاته وعاداته .. تتحمله وتتفهمه في لحظات جنونه ولحظات انتصاره ولحظات انكساره .. امرأة تُشعره بأنها أنثاه التي يشتهيها وأمه التي تحتويه وأخته التي تنصح له وابنته التي تعتمد عليه تحكي الأسطورة عن أنه قد خُلِقَ لكل رجلٍ امرأة يحلم بها ويفتش عنها في كل مكان وينتظر أن يجدها كل يوم .. هي الحلم والأمل والسحر والعشق .. هي أقصى الأماني وأغلى الناس .. لكنه غالبا لا يجدها سوى القليل تحكي الأسطورة أن لكل رجلٍ امرأة يرسل إليها في كل يوم رسالة ويطويها ويضعها في زجاجة ويغلقها بإحكام ثم يرميها في البحر على أمل أن تتلقاها امرأته ذات يوم وتتعرف على مكانه تحكي الأسطورة أن لكل رجلٍ امرأة ترسل إليه هي الأخرى كل يوم رسالة مطوية محفوظة في زجاجة محكمة الإغلاق .. لذلك ينتظر كل رجل أمام الشاطيء كل يوم لمدة ساعة عند الغروب على أمل أن تقذف إليه الأمواج ذات يوم رسالة من امرأته تخبره بمكانها .. أو تخبره بأنها قد استلمت رسالته وستأتي إليه تحكي الأسطورة عن أن هناك رجالاً وجدوا المرأة التي خُلِقَت

عندما فشلتُ في الإختبار

صورة
حدث ذلك في آخر يوم من أيام عطلتي السنوية التي أقضيها بالقاهرة .. كنت أقود سيارتي في شوارع القاهرة وقت صلاة الظهر عائداً من وسط القاهرة إلى منزلي بالجيزة حيث سأصطحب حقائبي بعد ذلك متوجهاً إلى المطار لأسافر بعدها إلى خارج البلاد حيث محل إقامتي وعملي يكفي أن أقول شوارع القاهرة لكي تتخيلوا الحيز المكاني للأحداث .. إنه ظرف مكان لا يحتاج لتفسير أو وصف تفصيلي .. لا يوجد معنىً أو لفظ لُغوي يمكنه أن يصف قيادة السيارات في شوارع القاهرة .. إنه إحساس بالحالة والأجواء والمصير أما وقت الظهر فهو ظرف زمان وهو أيضاً لا يحتاج لتفسير إذا عرفت أنني كنت في القاهرة حيث وقت الظهيرة هو وقت ذروة كل الأشياء .. هي حالة أخرى وأجواء أخرى لا مثيل لها في أي مكان في العالم وفي هذه الساعة كنت أتحدث عبر هاتفي المحمول وكانت المكالمة تخص أمراً هاماً في العمل .. فإذا بي أتفاجأ أمامي تماماً بأحد أمناء الشرطة يستوقفني ثم يقترب من نافذة سيارتي قائلاً أنني أخالف الأنظمة بسبب تحدثي عبر الهاتف المحمول أثناء قيادة السيارة .. وطلب مني أن أقدم له رخصتيّ القيادة والسيارة .. كانت المكالمة مهمة جداً بحق وتساوي أن أخسر بسببها بعضاً

خمسون وصفاً للحب

صورة
حدَثَ ذلك عندما حاولتُ يوماً أن أَنفردَ بنفسي .. لكنني لم أنجحْ في ذلك .. لم أكن يوماً بمفردي لأنك كنتِ دائما معي .. تسكنين كلَّ مُضغَة داخل جَسدي .. وليس جَسدي فقط .. بل وجدتُك داخل روحي أيضاً .. ربما كانت تلك الروحُ التي تبقيني على قيدِ الحياة .. هي روحكِ أنتِ حدثَ ذلك عندما اكتشفتُ أن هناك خمسون وصفاً للحب .. أتعلمين كيف يصفون الحب؟ لم أسمع من قبل عن أي انسان قد نجح في توصيف الحب .. لكنه أنتِ من منحنتيني تلك القدرة على أن أكون أول من يتمكن من أن يصفَ الحب ليس ذلك فحسب .. بل إنني تخطيتُ المألوف والمُمكن .. حتى وجدتُ خمسين وصفاً للحُب دفعةً واحدةً .. أتريدين سماعَهم؟ كان أول وصفٍ تعلمتُه هو أنني أُحبك .. وكان ثاني وصفٍ عَرَفتُه هو أنني أُحبك .. أما ثالث وصفٍ وجدتُه هو أنني أحبك .. وكان الرابع والخامس والخمسين أنني أحبكِ .. أحبكِ أنتِ ها قد انتهيت .. لا .. لم أنتهِ بعد .. فعيناكِ تلهماني الآن مجدداً .. اكتشفتُ فجأةً خمسين وصفاً آخرين للحب

لماذا نحب فيروز؟

صورة
تداولَ الناس بشغفٍ شديد منذ أيام الألبوم الغنائي الجديد للمُطرِبة اللبنانية فيروز .. كان الأمر يبدو وكأنه حدثاً استثنائياً .. ظَهَرَ ذلك من خلال تلك اللَّهفَة الشديدة التي أبداها الجميع لسَماع ذلك الألبوم وكأن هناك حالة عطش جماعي تحتاج إلى الإرتواء .. كأنَّ الجميع يحاولون استدعاء لحظاتٍ من الماضي الجميل .. فالماضي دائما في كل الأزمان هو الأرقى والأحلى والأكثرُ براءةً لماذا نُحب أغاني فيروز ونعشقها؟ هل هي الكلمات؟ يعرفُ كل من يحترف أو يهوى الكتابة أن الكلمة ذات أهميةٍ كبيرة .. يبحثُ الكُتَّاب والشُعراء دائماً عن الكلمةِ الجديدة المعبرة التي تنقلُ المعاني في أحلى صورة له .. يعلمُ الجميع أن ثمةَ أزمة في الكلمات في كل المجالات .. صارت الكلمات الجديدة أمراً عزيز المنال كلماتُ أغاني فيروز دائماً تمَسُ القلب .. تخرج من رحم المأساة والشوق واللهفة والمعاناة .. ولأن الحزن هو الغالب على طبع البشر .. ولأن الحياة السَهلة الناعِمة ليست متاحةً للجميع .. وحتى إن أُتِيحَتْ فهي غيرُ دائمة ... تجدُ أن كلمات أغاني فيروز تَهُز أعماقَ الجميع .. ومن منا لم يُجرب الحُب والشَوق والفُراق واللَّهفَة على حبيب

فاصِلٌ من المَلل

صورة
لا تتعجب من العنوان أعلاه يا عزيزي القارئ ويا عزيزتي القارئة – ليدز فيرست كالعادة – فأنا أعني بالفعل أن هذا الموضوع ما هو إلا نُزهة قصيرة مُملة .. وأعتقد أنني بعون الله سأصيبكم بالسأم مع نهاية المقال .. قولوا يارب كيف جاءتني فكرة هذا المقال المُمِل إذاً؟ ملحوظة: لم أبدأ المَلل بَعْد .. صَبْرا .. جاءتني فكرة المقال من تلك التعليقات التي تأتيني بين الحين والآخرعلى كافة القصص القصيرة التي أكتبها .. كان الله في عون القراء .. كانت تلك التعليقات يدور جزء كبير منها حول سؤال واحد: لماذا دائما تحتوي تلك القصص على شخصيات غريبة ومثيرة للجدل؟ لماذا دائما تكون هناك حياة غير طبيعية لدى أبطال القصة؟ لماذا تكون هناك عُقَد وكلاكيع في تكوين الشخصيات؟ ولماذا ننتظر أن يُحطم البَطَل قيود المجتمع أو أن ينتظر الصُدَف والمُعجزات لكي يتم حَل تلك العُقَد؟ ولماذا غالبا ما تحدث أشياء تغيّر من مجريات الأحداث ومصير الأشخاص؟ حسنا .. فلنبدأ المَلَل الآن .. سأجيب عن تلك الأسئلة بطريقة غير مباشرة .. على وعْد مني بأن أسرد الإجابة الصريحة المباشرة في نهاية المقال ليقرؤها من سيكتُب الله له طولَ العُمر والنَفَس وسِعَة ال

للأحلام صلاحية

نظرةٌ واحدة للمرآة يا عزيزي القاريء تفحص خلالها شعيرات رأسك الجانبية .. وأنتِ يا عزيزتي القارئة تأملي خصلاتك الأمامية بعناية .. هل هناك شعيرات بيضاء؟ لم تزل سوادا حالكا؟ الحمد لله حاول إذاً التَطَلُعْ بتمَعُن إلى جوار العينين .. هل هناك خطوط دقيقة قد بدأت في الظهور عند الإبتسام أو الضحك؟ لا؟ هل مازلت مشدود الوجه أسود الشعر مستقيم الجسد؟ حسنا ربما أنت على عتبات الحصول على تلك الشارات الخفية التي تحيلك إلى منعطف آخر من الحياة .. ذلك المنعطف الذي يجعلك تنبش في الماضي .. وتسأل نفسك آلاف الأسئلة التي تتغاضى عنها لتحيا هانئاً ستسأل نفسك السؤال المُهلِك: ما الذي حققت؟ وستسأل نفسك: أين أنا من أحلامي الماضية التي عاشت في خيالي كل عمري الفائت؟ ربما أنك كنت من المحظوظين القلائل الذين يعرفون أنهم قد حققوا الكثير من أحلامهم .. أو من أولئك الأكثر حظاً الذين مازالوا يملكون القدرة على تحقيق أحلاماً أخرى نعم .. فامتلاك القدرة على تحقيق الأحلام نعمة عظيمة .. وامتلاك الوقت لتحقيقها نعمة أعظم .. لكن الوقت عادةً ما يسرقنا فنلتفت لنجد أننا قد دخلنا المنعطف - الذي سُمي بالتاريخي لهذا السبب - ونجد أننا م

يقظة

صورة
ربما يكون حديثي اليوم عن شيء يبدو غريبا للبعض .. لكنني متأكد من حدوثه للكثيرين .. هذا الشيء الغريب هو أنني أتذكر بين الحين والآخر عدة لقطات عبر ذاكرتي الشبحية التي مر على أحداثها أعواماً طويلة .. قد تتسائلون لماذا أسافر بذاكرتي بعيدا هكذا؟ لكنني في الحقيقة لا أجهٍد نفسي عبر تلك الرحلة الزمنية داخل تلافيف عقلي وذاكرتي كما تظنون .. بل إنه الحاضر وأحداثه اللذان يفرضان علينا استدعاء الماضي البعيد .. إما للمقارنة أو للسلوى .. حيث تظل الذكريات الجميلة دائما هي التي تؤنسنا .. وتظل دوماً أفضل من حاضرنا الذي نَعيشه مما أذكره الآن أنني شاهدت ذات يوم حلقة من مسلسل لا أذكر اسمه الآن .. كان ذلك منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمان .. لكن اللقطة التي علقت بذاكرتي هي عبارة عن حوار بين اثنين من الممثلين .. كان أحدهما يقول للآخر أنه لم يستطيع أن ينام طوال الليل وظل هكذا متيقظا حتى الصباح! أذكر في تلك اللقطة أيضا أن ذلك الممثل الذي لم ينم كان مرتديا ملابس الخروج مما يدل على أنه لم يرتدي ملابس النوم .. وهو ما أكد لي على صغر سني حينها أنه لم ينم بالفعل أذكر أنني قد أصابتني دهشة كبيرة حينها من فكرة ألا ينام

نوستاليجا 2

تحدثنا في الموضوع السابق عن تعريف النوستاليجا وقلنا أنها الحنين إلى الماضي .. وتحدثنا أيضا عن الخطورة التي تحدق بتكوين شخصية الجيل الحالي من الأبناء وذلك لأنهم لم ينشأوا وهم يحملون الذكريات والمكونات التي كانت تميز جيلنا نحن من المصريين ومن سبقونا .. وهو ما سيؤدي إلى طمس الهوية المصرية المميزة بعد حين .. وقلت أن ذلك هو ما يجعلني أجمع أبنائي من حولي بين حين وآخر لأشرح لهم مكونات حياتنا عندما كنت صغيرا .. وهو ما سيرونه بعد ذلك بوضوح إذا ما تابعوا الأفلام والمسرحيات القديمة أيضا أسرح بخيالي إلى الماضي البعيد واستعيد ذكريات الطفولة الجميلة .. أتذكر الآن كيف كنا نلعب وماذا كنا نلعب .. لم تكن لدينا ألعابا بالمعنى المفهوم حاليا .. بل كنا نحن من يخترع ألعابه .. وكانت أغلب الألعاب تعتمد على المكونات الطبيعية بخلاف أنها كانت تعتمد على عنصر الحركة إلى حد كبير .. فلم يكن هناك في ذلك الزمان بلاي ستيشن ولا فيديو جيم ولا أتاري .. أتاري قلت لهم لقد كنا نحن الذكور نعشق في المقام الأول لعبة كرة القدم .. وقد كنا نمارسها في الشوارع والأزقّة والحارات .. كنا نحدد المرمى بقطعتين من الحجاره لا أكثر ولا أقل

نوستاليجا 1

أسمعك عزيزي القارئ وأنت تتساءل: ما هذا العنوان الغريب؟ لا تقلق يا عزيزي فكلمة نوستاليجا ليست من أنواع الشتائم أوالسباب .. كما أنها ليست تعويذة سحرية قد تصيب قارئها بلعنة الوقوف في طابور الخبز وعندما يصل إلى البائع يكون الخبز قد نفد بسبب انقطاع المدد من القمح الروسي .. وإنما كلمة نوستاليجا هي تعني الحنين إلى الماضي .. وهو الشيء الوحيد الذي نفخر به ونعتز بأنه كان لدينا يوما ما .. أما الآن فنحن لا حاضر لنا ولا مستقبل .. وإيش ياخد الريح من البلاط .. وربنا يستر وكنت قد بدأت التلميح عن تلك النوستاليجا عندما كتبت موضوعا بعنوان ''عندما كنا جميعا واحد'' والذي وضحت فيه أن جميع أفراد الشعب في الماضي كانت لديهم ثقافة موحدة .. آه والله كنا مثقفين زمان .. لكن الذي يجعلني أتحدث في نفس الموضوع مرة أخرى هو قلقي على أولادي وأولادنا جميعا بسبب عدم وضوح هويتهم المصرية مثلنا نحن الكبار .. فأنا لا أرى أية ملامح واضحة تميز الجيل الجديد من المصريين مثلما تميز جيلنا والأجيال التي سبقتنا .. فقد كانت لنا صفات محددة وأمور مميزة تجعل الآخرون يتعرفون علينا من خلالها حتى ولو لم نصرح بجنسيتنا المصري

القاهرة التي تلهمني

صورة
من الأمور التي يعرفها ممن يهتمون بالكتابة .. أن الأفكار الجديدة دائما ما تكون نادرة ويصعب الحصول عليها بسهولة .. كما أنه من المعروف أن الكتابة لمجرد الكتابة قد تؤدي إلى إنتاج موضوعات تخرج قيصرية .. أي أنها تكون وكأنك تعتصر الحروف والمعاني لتخرج منها شيئا مكتوبا .. فتجده مسخا بدون طعم عند قراءته لذا أجدني محظوظا للغاية عندما أتعرض لموقف ما أو أتردد على مكان ما فيلهمني بالكتابة .. وأنا أدين بالإلهام الذي يأتيني دائما إلى معشوقتي القاهرة التي يسعدني الحظ مؤخرا بزيارتها أكثر من مرة في العام الواحد .. فالقاهرة هي ملخص شامل لبلادي .. وكأنك ترى مصر كلها بمجرد المرور على القاهرة ربما كانت تلك مقدمة لابد منها .. وربما تنتظر مني الآن يا عزيزي القارئ أن أردد على مسامعك بعضا من المواقف الكوميدية التي قد تعرضت لها أثناء إقامتي بالقاهرة .. وربما ظن البعض أنني سأكرر ما قلته عن العسل الأسود أو المسؤلين الذين يقررون الأمور في جلسات تعاطي الحشيش .. لكن ليس هذا هو ما أريد التحدث عنه .. فالأمور الغريبة التي تزخر بها بلادنا قد قتلت بحثا في الكتب والمجلات والأفلام والمسلسلات .. وهي جميعها من نوعية الكوم

لكي أذكِرك

صورة
كان الجميع يقولون لي أنه شخص غريب الأطوار .. كانت تلك هي الصفة التي تقترن باسمه دائما كلما جاء ذِكره في أي حديث .. لكن لم يخبرني أحد أبداً عن ماهية تلك الغرابة التي تصاحب أطواره! كانوا إذا تحدثوا مثلاعن أكثر الموظفين بذلا للمجهود في شركتنا فإنهم يذكرون اسمه ثم يقولون: ولكنه غريب الأطوار .. كانوا إذا تحدثوا عن النظام والدقة في تفاصيل الحياه فإنهم يضربون به المثل في ذلك .. ثم يتبعونها بجملة: ولكنه غريب الأطوار .. كانت كل الصفات الجميلة يجدونها فيه وكانت كل الأسباب المنطقية التي تفسر ترقيه بسرعة موجودة .. لكنهم لا يزالون يرون أنه غريب الأطوار! ربما كان ذلك هو ما دفعني للإقتراب منه بدافع الفضول في البداية .. فأنا لا أرى فيه سوى مثال رائع للشخص المنظم المجتهد الحسن الخلق .. كما أنه يتسم بحلاوة اللسان وطيب المعشر .. لذلك لم ألمح في البداية أية أمور غريبة عليه .. إلا أنني بدأت في ملاحظة بعض الأمور الغريبة عندما أصبحنا صديقين وبدأنا في التعرف على بعضنا البعض أكثر وأكثر .. لكنني لم أتسرع في أن أنعته – مثلما فعل الآخرون – بأنه شخص غريب الأطوار قبل أن أسأله عن تلك الأمور الغريبة بعض الشيء .. فرب

أنا شربت حشيش يا سعاد

صورة
يحدث في مصر أن يستيقظ المواطن المصري من نومه ذات يوم فيجد وسائل الإعلام المختلفة تتحدث عن البدء في تغيير الساعة ليتم العمل بنظام التوقيت الصيفي .. وبرغم أنه لا أحد يعلم حتى الآن ما هي جدوى ذلك النظام في العصر الحالي إلا أنه يحدث وخلاص .. ولكن ليست تلك هي المشكلة .. المشكلة أنه يحدث في مصر أن يستيقظ نفس المواطن المصري في يوم آخر ليجد نفس وسائل الإعلام تتحدث عن العودة إلى العمل بنظام التوقيت الشتوي خلال شهر رمضان – ولا أحد يعلم أيضا لماذا – ثم تعود البلاد للعمل بالتوقيت الصيفي مرة أخرى بعد انقضاء شهر رمضان المبارك وكل عام وأنتم بخير وبوسه من هنا وبوسه من هنا كما يحدث في مصر أن يستيقظ المواطن المصري مرة أخرى – هو نايم على طول أصلاً – ليجد خبراً موتوراً عن وجوب الحصول على ترخيص قبل تعليق زينات رمضان وذلك توفيراً وترشيداً لإستهلاك الكهرباء .. فيقع أطفال الحي في حيرة لأن أوراق الزينة التي أعدوها وألصقوها بالصمغ والنشا لا تعمل بالكهرباء ومع ذلك فهم عرضة للمخالفة والتنكيل يحدث في مصر أن تتفق دول حوض النيل على توزيع جديد للحصص فيما بينها .. فيستيقظ المواطن المصري إياه على تصريح من المسؤلين

حلم مفقود

صورة
كان عمي يحبني كثيرا .. كان يعتبرني صديقا له برغم فارق العمر الكبير نسبيا فيما بيننا .. ربما كان ذلك بسبب غياب أولاده للعمل خارج البلاد .. ربما كان يتلمس في صحبتي السلوى والتعويض عما يفتقده من مشاعر الأبوة .. وربما لأنني أنا أيضا أحس بالقرب منه لأنه يشبه والدي في كل شيء تقريبا .. المهم أنني كنت أبادله نفس الحب وأكثر كنت أشعر بأن عمي يحصي الأيام الواحد تلو الآخر وكأنه يريدها أن تمر سريعا .. كان الوحيد الذي أراه يسعد عندما يمر يوم ويأتي يوم جديد .. كان ذلك على عكس الشعور السائد لدى الجميع بأننا لا نريد للأيام أن تمضي سريعة لأنها دليل على إنقضاء العمر القصير .. فالأعمار قصيرة مهما طالت .. لكن عمي كان يتعجل الأيام وكأنه كان ينتظر أن يحدث شيئ ما ينتظره منذ زمن بعيد قال لي ذات يوم: تعال معي لأريك شيئا جميلا .. كنت أرى بريق السعادة في عينيه وهو يدعوني لصحبته .. ولم أشأ أن أفسد على نفسي المفاجأة فلم أسأل حينها عن ماهية ذلك الشيء .. ذهبت معه ثم توقفنا بجوار منزل صغير قيد الإنشاء .. دعاني لدخول ذلك المنزل الذي أخبرني أنه يمتلكه الآن .. أخذ يصف لي كل شيء فيه .. قال لي إنه يتمنى أن يقيم هو وأولاد

عسل .. أسود

صورة
لم تكن هناك مفاجآت هذه المرة .. نعم لم تكن هناك أية مفاجأت أعلم مسبقا أن أربعة عشر يوماً لا تكفي لعمل أشياء كثيرة سواء في مصر أو في أي مكان آخر خارج مصر ولا تكفي للحكم على الأشياء أيضاً فهي فترة قصيرة وإن طالت بالنسبة لأيام العمل الطوال وأعلم مسبقاً أن هناك فوارق نوعية بين الدول التي أتردد عليها بالخارج وبين مصر .. تلك الفوارق تتمثل في أشياء كثيرة وتفاصيل عديدة لا يتسع المقام لذكرها هنا وإن كان يجدر الإشارة إلى أنها تصب في صالح الخارج أكثر من مصر .. لكن هذا ليس موضوعنا الآن لم أندهش أو أنفعل من أية إستفزازات في أي وقت أو أي مكان .. كنت مستعداً نفسياً لأي شيء وكنت دائما أتوقع الأسوأ .. فكانت النتيجة أنني استمتعت بالإقامة بمصر .. فقد كانت تلك هي المعادلة السحرية التي ساعدتني كثيراً كانت فترة إقامتي بمصر - رغم قصرها - ثرية بما يكفي لكي أشاهد العديد من الأشياء .. فقد أعددت جدولاً مضغوطاً جداً لا يوجد فيه أي وقت فراغ .. تعاملت مع العديد من المصالح الحكومية وأيضاً شركات الخدمات الخاصة .. مارست فعل قيادة السيارة وما أدراكم ما تعنيه هذه العبارة .. تعاملت مع الطرق المختلفة داخل وخارج العاصم