القاهرة التي تلهمني
من الأمور التي يعرفها ممن يهتمون بالكتابة .. أن الأفكار الجديدة دائما ما تكون نادرة ويصعب الحصول عليها بسهولة .. كما أنه من المعروف أن الكتابة لمجرد الكتابة قد تؤدي إلى إنتاج موضوعات تخرج قيصرية .. أي أنها تكون وكأنك تعتصر الحروف والمعاني لتخرج منها شيئا مكتوبا .. فتجده مسخا بدون طعم عند قراءته
لذا أجدني محظوظا للغاية عندما أتعرض لموقف ما أو أتردد على مكان ما فيلهمني بالكتابة .. وأنا أدين بالإلهام الذي يأتيني دائما إلى معشوقتي القاهرة التي يسعدني الحظ مؤخرا بزيارتها أكثر من مرة في العام الواحد .. فالقاهرة هي ملخص شامل لبلادي .. وكأنك ترى مصر كلها بمجرد المرور على القاهرة
ربما كانت تلك مقدمة لابد منها .. وربما تنتظر مني الآن يا عزيزي القارئ أن أردد على مسامعك بعضا من المواقف الكوميدية التي قد تعرضت لها أثناء إقامتي بالقاهرة .. وربما ظن البعض أنني سأكرر ما قلته عن العسل الأسود أو المسؤلين الذين يقررون الأمور في جلسات تعاطي الحشيش .. لكن ليس هذا هو ما أريد التحدث عنه .. فالأمور الغريبة التي تزخر بها بلادنا قد قتلت بحثا في الكتب والمجلات والأفلام والمسلسلات .. وهي جميعها من نوعية الكوميديا السوداء التي تضحكنا من فرط الألم
الجديد هنا هو أمر لم أكن اتخيله على الإطلاق ولم يمر على تفكيري مجرد تفكير .. وهو أمر أراه خطيرا للغاية ألا وهو نظرة الأجيال الجديدة إلى بلادنا مقارنة بالبلاد الأخرى .. فإبني على سبيل المثال لم يشهد مثلي أيام الريادة التي كانت مصر عليها عندما كانت تشع النور والعلم والمعرفة لمن حولها من الدول العربية الشقيقة المحيطة والتي كانت حينذاك لا تزال تحبو لتخرج من الجهل والظلام والتخلف .. يرى صغيري اليوم أن تلك الدول العربية هي الأكثر نظاما ونظافة وتقدما عن مصر .. وقال لي دون أن يعي خطورة ما يقول: إن مصر تحتاج إلى أربعين عاما كي تلحق بركب تلك الدول!
كان وقع تلك الجملة عليَ رهيبا .. فمن الذي يلحق بمن؟ هل وصلنا إلى هذه المرحلة من التدهور؟ لكنني تلمست له العذر سريعا لأنه عندما نشأ وتفتحت عيونه على الدنيا رأى أن مصر تغرق في الإهمال والتخلف والجهل مقارنة بالدول الأخرى .. فهذا الجيل لن تكون لديه نفس المسلمات التي لدى جيلي أنا .. ولن يصدق أحدهم أن مصر كانت لها اليد العليا ذات يوم في التأثير الحضاري على من حولها .. بل سيتمنى يوما أن تتأثر مصر بحضارة تلك الدول المحيطة لتلحق بها .. ويالها من مهزلة .. فالمشكلة أن دفاعاتي أمام صغيري أصبعت ضعيفة ولا تستند على أسس حالية سوى وصف لماض عريق لا يراه ولا يلمسه
كنت أحمل تذكرة طيران فيها توقيت ما للإقلاع وأردت أن أتأكد من صحته لأن مصر كما تعلمون قد غيرت من نظام التوقيت الصيفي إلى الشتوي مرة أخرى .. لجأت إلى الإتصال بدليل التليفونات وهو بحق كان جيدا .. فالأصوات جميلة ومتعاونة للغاية لكن الجميع فشل في مساعدتي .. حتى المطار نفسه لم يستطع أن يجيبني عن صحة موعد إقلاع الطائرة .. مما اضطرني الى الاتصال دوليا بشركة الطيران في الدولة التي سأسافر إليها فأرشدوني عن موعد إقلاع طائرتهم التي ستطير من القاهرة!
وبينما كنت في طريقي إلى المطار سلكنا الطريق الدائري الذي أشيد بأن فكرته بالفعل رائعة .. لكنني تفاجئت بأن مستوى الرصف سيء للغاية وأن تصميم المنازل والمطالع يتسم بالخطأ ويسبب التكدس .. والمفاجأة أننا وجدنا الطريق مغلقا ولا توجد لافتات تحذيريه تشير الى ذلك ولا إلى كيفية السير بعد ذلك .. وحمدا لله أن أرشدنا أحد العمال بموقع العمل على المخرج السحري الخفي وهو غير ممهد بالطبع
المهم أنها جميعا أشياء رائعة لكنها تفسد لأسباب تافهة .. كطبخة جميلة يسوء طعمها بسبب القليل من الملح .. فنحن نبني المدن الجميلة في الساحل الشمالي وشرق الطريق الدائري ثم تنقطع عنها الكهرباء .. نحن نسيّر مترو الأنفاق الحديث ثم يسير الكارو في الشوارع .. وتخرج من المول الفخم لتحتضنك أكوام القمامة خلفه .. اي تناقض هذا في هذا البلد؟ وكيف أقنع صغيري بعكس ما يعتقده الآن؟
تعليقات
اتمنى كما تتمنى ويتمنى كل المصرين ان يكون الحال افضل
تحياتى
:(
أخشى أن تراها تلك الأجيال القاهرة التى تقهرنا
الأم و الأب
هو دة الخيط اللي بيربطنا بيها
ده اللى لازم نفتكره دايماً لما نوصف علاقتنا ببلادنا ،،،، الحقيقة أنا مقتنع تماماً إن تاريخ المصريين - كشعب - غير مشرف على الإطلاق بغض النظر عن نهضة مصر فى بعض الأوقات بسواعد أو بسماحات أجنبية و كان دور المصريين فيها دور الأجير أو المنتفع مش أكتر ،،، يمكن كلام سئ للغاية لكنه لا يمس على الإطلاق حبى لبلدى و انتمائى لها على علاتها كما انى ابنها على علاتى ،،
بحب جداً أحمد الشقيرى لأنه سعودى و فخور جداً بهويته رغم نقده اللاذع لبلادنا كلنا ،،، هو ده مفهوم الوطنية اللى لازم يكون علاقة دم أكتر منه علاقة مصالح
غلطوا لما فخموا لنا مصر أوى علشان نحبها و لما اكتشفنا صورتها الحقيقة لما انفتحنا على العالم ،، كان طبيعى ان اللى بيحبها علشان حلاوتها يكفر بيها :(
إنها القاهرة التى تؤلمنى :(
ماهو شايف يعينه ولامس الخراب اللي احنا فيه والتقدم اللي هما فيه
ومش مسأله متناقضات وبس
لا دي اصبحت مسألة مبدا في مصر
خرب خب ماهي مش بتاعتنا
لا أستطيع إلا أن أقول
كل سنة وأنت طيب
يا بشمهندس
والذنب ليس ذنبه
بل ذنبنا أحنا كلنا
من أوصلناها لهذا(المستوى)
كل ما قلته صحيحا
احنا بنرجع لورا :(
تحياتي
نفس تاريخ مصر - نحن الان فى مرحلة الضعف لكن مع الزمن سوف نعود دولة عظمى
دورة تمر بها كل دول العالم - سنة الله - سبحانه وتعالى
الهبوط الشديد الموجود في المنحني الحضاري لمصر
باذن الله سيتبعه قمة حضارية ممتازة
نهضة كبيرة بايادينا ان شاء الله
بس نبدأ من أنفسنا !
ولا يغير الله مابقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم
اولا كل عام وانت بخير
ثانيا انا سعيد بزيارتي الاولى لمدونتك واعتقد انها لن تكون الاخيرة
ثالثا انا مثلك مغترب - طبيب - ويسيطر علي وليس فقط على اولادي هذا الشعور الذي اعتقد انه شعور طبيعي بل وصحي فبداية علاج اي مرض هو تشخيصه لكننا سيدي الفاضل بنينا الاهرامات واكتفينا بالتغني بها.
موضوع يستحق التدوين
دمت بخير واتمنى التواصل
مع انك في البدايه قلت من هتكلم عن موقف كوميدي طبعا معاك حق لانه مش موقف واحد بل موقفين
للاسف جايز يكون ابنك علي حق من المراره اللي بنشوفها
والقهر اللي بتعامل بيه
انا عن نفسي عيطت لما اتفرجت عل عسل اسود
لاني كنت احمد حلمي اول مانزل مصر
ااااااااااااااااااااااه ياقلبي
ونعاني أزمة أخلاق شديدة
بس هنعمل ايه بلدنا وبنحبها ولازم نصلحها
بشكر حضرتك جدا انك لسه فاكرني...ربنا يسعدك دنيا واخرة.
إنها المش أبو دود
متوقع ايه من بلد ماشيه بالفهلوة بدل التخطيط والدراسة - ودايما الطبخة بتبوظ عشان بشلن ملح - وبعد ما تطبخ بينسوا يحطوها في التلاجة قبل ما يناموا!!! عشان كدة بيصحوا الصبح يلاقهوها حمضت ولازم تنطبخ من جديد....
تحياتي
وحتى اخر النفق مظلم حالك السواد
فلا امل في عبور النفق ولا الاخروج من عنق الزجاجة
وكل عام وانتم بخير :)
هههه
احمد عبد العدل قال كل حاجة
تحياتى ورمضان كريم
ولو فضل زى ما هو هتكسف منة زينا من الاجيال اللى بعدها
ربنا يسترها بقى ونشوف تغير للحلو
مع خالص تحياتى