عن الطيور المقيدة أتحدث
كنت ذات يوم في إحدى المدن الأوروبية العريقة في رحلة عمل .. وكنت قد أنهيت عملي مبكراً فأصبح لدي متسعاً من الوقت بين العصر والمغرب لأتنزه قليلا في إحدى ميادينها القديمة .. كان كل شيء يتسم بالنظافة والنظام رغم أنه من الواضح أن كل شيء قديم جداً .. كان الميدان يتسم بوجود مجموعة ضخمة من الحمام ذو اللون الفضي البديع .. وكان الناس يشترون أكياساً من الحبوب لإطعامها .. كان المنظر ممتعاً للغاية
جلست على مقعد جانبي وأخذت أتأمل أحد الأطفال الأجانب وهو يضع الحبوب على يديه فيأتي إليه أحد الطيور من بعيد ويحط على يديه ليتناول تلك الحبوب .. أخذ الطفل يتأمله في إعجاب وحنان شديدين .. وبينما أنا كذلك إذا بأذني تلتقط لفظا عربيا شد انتباهي .. التفت بسرعة لأجد على مقربة مني طفل آخر تبدو عليه ملامح عربية خالصة .. ويبدو من لهجته أنه مصري
ابتسمت بشدة وأنا أرى ذلك الطفل المصري يضع الحبوب على يديه كما فعل ذلك الطفل الأجنبي تماماً .. وفكرت لحظتها أن الأطفال جميعاً لهم نفس السلوك ونفس ملامح الفرحة أياً كانت جنسياتهم .. وبالفعل اقترب منه أحد الطيور وحط على يديه .. وقبل أن ألمح السعادة في عينيه إذا به يمسك بالطائر ويحكم قبضته عليه!!! ء
أصابتني مفاجأة شديدة وخصوصاً أنني لمحت في عيني الطفل نظرة انتصار .. كان سعيدا جدا لنجاح خديعته التي قام بها .. أخذت أتأمل ذلك المشهد وأنا لا أدري لماذا أمسك الطفل بالطائر هكذا؟ ما الذي يدور في رأسه؟ ماذا سيفعل به؟ هل سيقتنيه؟ هل يريد أن يتأمله عن قرب؟ هل سيتلذذ فقط بوجوده بين يديه لأطول وقت ممكن؟ ولماذا تغلب على طبعه تلك الروح العدوانية؟ لماذا لا يترك الطائر يلتقط الحبوب ويستمتع بمنظره الجميل ثم يدعه وشأنه مثل بقية الناس؟
تلفّت حولي حتى تعرفت عيناي على والدي ذلك الطفل .. كانت الأم تجعّد كيساً للبقايا وتحشره قي ركن المقعد في اللحظة التي وقع بصري عليها ..بينما كان الأب يتحدث عبر الهاتف بصوت عال وواضح
جالت في رأسي حينها أمور كثيرة .. تخيلتهم وهم يقطنون في أحد الأحياء الراقية بالقاهرة .. لكن شركة جمع القمامة لا تقوم بإزالة القمامة فتتراكم كالتلال .. فتعتاد عيونهم منظر القمامة شيئاً فشيئاً حتى باتت أمراً طبيعياً .. فقد اعتادوا منظر القبح
أتخيل ذلك الرجل وهو يختلف مع جيرانه على مكان لسيارته .. فالأماكن المتاحة محدودة .. ولم يكن في التخطيط أي توقع لإحتياجات مواقف السيارات
أتخيلهم وهو يعانون معاناة شديدة للحصول على الإحتياجات اليومية .. ربما هم يمتلكون المال لكن الأسواق التجارية الفخمة بعيدة وتوجد أزمة مرورية خانقة .. فقيادة السيارة أصبحت كالمعركة
أتخيلهم وهم يعانون في كل معاملاتهم حتى عندما يستخرجون بطاقة شخصية أو شهادة ميلاد أو يتعاملون مع البنوك .. انها حياة تتسم بالصراع ليل نهار .. لاعجب إذا أن يكون ذلك الطفل بتلك العدوانية .. ففاقد الشيء لا يعطيه وكل إناء ينضح بما فيه .. لعله لم يُولد عدوانياً لكن ما عاشه ترك بصمته في كل سلوكياته
وبينما أنا أفكر في كل ذلك إذا بالطفل يطلق سراح الطائر فجأة .. وينظر له نظرة ساحرة وهو يرفرف مبتعداً .. تعجبت كثيراً بالفعل .. فكل الدلائل كانت تؤدي لغير هذا .. لكن المصري الصغير كان قادراً على إثارة تعجبي للحظة الأخيرة
تعليقات
ناخد كده تعليق بسرعه ونرجع
انا كمان جتلى دهشه غريبه اوووى
بكل مكان سلبيات وايجبيات فى دول الغرب الاطفال وبل الكبار يهتمون بالحيوانات والكلاب
والطيور بصفه عامه
وكمان يمك ليهم مذانيه خاصه
لكن الشعب المصرى او بعض من الشعب المصرى مش عارفه بيحب يتلذذ بعذاب الحيوانات بطريقه بشعه
بالنسبه ليا انا بحب الطيور اووى وخاصة العصافير واحب القطط واهوى تربيتهم بطريقه جنونيه لا مثيل لها
وكمان بالنسبه للطفل اذاكان عدوانى اكيد من الصراعات الكبيره اللى موجوده فى بلده
وعامة لسه ياما هنشوف
تحياتى لحضرتك يافندم
ومش نيجليك فى حاجه وحشه
مكنتش مفاجأة بالنسبة ليا بس صدقنى
الأجانب مش راقيين زى ما حضرتك فاهم التعامل معاهم هنا فى شرم
حتى لو انت فى مكان راقى هما مش كدة خالص بس احنا ادناهم الفرصة هما لقو الجو فتعيشو معاه
واللى عملة الطفل دى تربية متراكمة هيورثها لأبنة وهكذا
احمد ربنا انه بهرك
انا ابن اختي
الصغير ذو العامين
ونصف
طلع مرة عند حمام عمي
لوحده
لقوه
خانق كام حمامة
المجتمع بيفرق
سلوكيات اللي المفروض نتعلمها بالدين
بتفرق
--------------
بس بجد وصفك للمنظر كان ظريف
تحياتي
حقيقى و مؤسف
و على الرغم من دهشتك بتصرف الطفل الاخير, الا انه لم يدهشنى فقد كنت اتوقعه
مازالت طيبة القلب تتحدانا و مازالت قلوبنا ينبض بالرحمة و العطف
هناك دائماامل كى نجو من هذا الصراع و التناقض الداخلى
لكن الطفل الاوربي بعد ما اتولد شاف الناس كلهم بياكلوا الحمام بالطريقه دي
اما الطفل المصري بعد ما اتولد في مصر وجد صراع على الحمام من اجل اكله وكمان الناس مش لائيينه
هو معذور بردو
على كده الاسرائيليين مروا بظروف صعبة اوي !
او ربما سلوك اكتسبه من قنوات الافلام للاطفال والعاب الفديو جيم التى تملاء بيوتنا والتى لايوجد بها غير العدوان
انا كمان زعلانه على مصر
انا كنت ماشيه فى الشارع وشوفت مجموعه اطفال ماسكين قطه
وعملينها زى المروحه وبعدين رموها بقوه جدا لمسافه بعيده
الله اعلم بقا القطه دى حصلها ايه بعد كده
ولكن اطلاق سراح الطير فى النهاية كان المفاجأة بالنسبة لى
ما نعانى منه صباحا
فى كل يوم وكل لحظة ينعكس
على سلوكياتنا سواء صباحا او مساءا
لقد اثبت انك في كل مرة لديك ما يقدر علي ابهار الجميع
.
نظرتك المختلفة للاشياء ورؤيتك لما قد يبدوا عاديا تصيبني بالابهار في كل مرة
.
.
اعتقد ان ما يحدث معنا يا مراكبي هو تشوية للفطرة التي خلقنا عليها
حتي يتسنى لهم بكل راجه ضمير ان يلصقو السبب في تخلفنا واهمالنا لانفسنا
.
تحياتي اليك
والسلام
ولكن هناك سلوكيات مكتسبة لا ذنب لهم فيها
ربما تكون من الأسرة
والأسرة غصب عنها فى صراع مع الحياة
بسبب فشل الحكومة
إذن الفرق بين الدولتين هو الحكومة
السلوك العدوانى لدى الاطفال ومنها :
أسباب ظهور السلوك العدواني عند الطفل :
1-الإحباط والحرمان والقهر الذي يعيشه.
2-تقليد الآخرين والإقتداء بسلوكهم العدواني الذي يشاهده (الأب-الإعلام-المُدرس).
3-الصورة السلبية للأبوين في نظرتهم لسلوك الطفل.
4-الأفكار الخاطئة التي تصل لذهن الطفل عندما يفهم أن الطفل القوي الشجاع هو الذي يصرع الآخرين ويأخذ حقوقه بيده لا بالحسنى.
العدوانية وكراهية الاخر بشكل عام
هى نتاج ثقافة القهر والاستبداد
والاقصاء...وهذا تعمق فى النفوس
بسبب هامانات السياسة والدين
دام عطاؤك
تحياتى وتقديرى
فعلا انت وضعت يدك علي الاسباب التي جعلت تصرف الانسان المصري هاكذا .ولماذا نذهب بعيد الي بلاد الغرب أستطيع ان اجذم لك ان العرب والخليجين الذين كنا نقول عنهم دائما انهم بق...
انا اعيش الان في دولة خليجية ولا استطيع ان اعود لمصر او اجلس بها من الصراعات والتصرفات التي ذكرتها وأأكد لك ان هؤلاء البق... سبقونا بعشرات السنين فهم الان دولة الكترونية تستطيع انهاء كل معاملاتك بالنت وكل حجوزاتك وفواتيرك وتحويلاتك بضغطة زر ....
علاوة علي ان الشعب هنا يعيش في هدوء كل في حالة ويذكرني الوضع هنا بمصر من خمسين سنة والهدوء والاحترام حتي في المسجد لا ترى الخلافات ولا النقاشات ولا الفتاوى كل في حالة .
يا ريت من رحش بيد ولا نحلم بالمستحيل ياريت بس نجعل البق... دول قدوتنا في التقدم واحترام المواطن
مهندس / علي يونس
ali-younes.blogspot.com
ali-younes2.blogspot.com
مش غريبة...الطفل المصرى حدانا فى مصر , إتعود لما الكلب يشوفه .. يطلع يجرى منه(الكلب مش الواد).. ويا ويله لو ماجراش... يكون مصيره الربط فى الحبل .. و سحله .. ثم تركه فى الحبل حتى يختنق أو يعثر عليه أحد الناس الطبيعية فيفك أسره
ما بالك بحمامه..
بتفكرنى بحكاية .. كنت فى مكان ما.. فى زمان ما ..مع شخص ما, وكان فى حمامة جميلة بيضاء اللون, الشخص ده .. جاب أكل وحطه على الأرض, ووقف غير بعيد , جت الحمامة تاكل, وهو واقف ماسك فى إيده طوبة.. أول ما الحمامة نزلت على الأكل .. رماها بالطوبة. داخت جرى عليها بسرعة و مسكها ... أول حاجة عملها قبل ما يبدأ مرحلة اللهو,كانت إنه نتف ريشها .. و لعب بيها شوية.
لما سألته طب إنت نتفت ريشها ليه.. قاللى عشان متطيرش تانى!!!!!
للأسف التغيير اللي بيحصل لأطفالنا (نحن المصريين) أصبح أعمق بكتير من مجرد سياسة عايزين نغيرها ومياه راكدة عايزين نحركها .. أصبح ناقوس خطر لمستقبل مصر , لما يحكمها فى يوم من الأيام واحد من الأطفال بتوع الأيام دى
وربما ... اقول ربما .... تتعسف من شده الهم في نظرتك للمصريين ، فحتي من اجبروا علي مجاوره الزباله مازالوا يشمئزوا منها لكنهم لايجدوا حلا للتخلص منها !!!
يارب ماتكرهنيش !!!!
انت فين كل ده يارب تكون بخير
طمنى عليك
وتعالى زورنى
بهرتني
مها ميهوووو
فهذا رد فعل طبيعي للطفل المصري لأنه أراد أن يستشعر أنه يمنح الحرية للآخرين حتى ولو كان طائرا صغيرا المهم أنه يملك حق التصرف والمنح ..يعني زي ما تقول كده إحساس بالنقص
تحياتي لطرحك
فالمصري مهما كان عدوانيا فليس في طبعه هذا
ولكنه مستجد على حياته
وان خرجت العدوانيه فهي للتنفيس عن النفس فقط
وليس للاذى
ولكن هذا الشعب يحتاج الى من ينظمه
ويغير قناعاته وهو امر ليس بالهين
بعد كل هذه السنين من القهر
تدوينه ممتازه يااستاذي العزيز
تحياتي
بس الاجانب حياتهم صعبه ... لكن الفرق ان مفيش احساس بالظلم وانعدام الامان ... وده اللي بيولد مشكله القسوه دي
تحياتي
مع تحياتي
مش عارف ازاي الموضوع كبر معاك كده وقتها وربط بين فعل الولد وفعل الأم والأب
لقد جنيت على فعل الأبن في البداية بربط بسلوك والديه
الطفل دائماً في تلك المرحلة العمرية كل شئ يتعامل معه في طور التجربة والمتابعة والملاحظة والفعل ورد الفعل فتلك كانت التجربة الأولى له حول كون الطائر بين يديه وعندما أمسك به لم يكن من باب العدوان فطبيعة الإنسان حب الاقتناء ولكن تجربة الطفل بعد أن أمسك بالطائر بلا شك انه راه أجمل وهو حر طليق مثل أقرانه فحرم ذاته مت حب الاقتناء في مقابل حرية الطائر
تحياتي
بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا في وجهات النظر .. يظل للموضوع رؤية وانطباع أحسست بهما عند رؤيتي للمشهد وربطه في عقلي بالواقع المصري الذي أحلم ان يتغير للأفضل
ربما الصورة تبدو قاتمة .. لكن علينا ألا نفقد الأمل أبدا
أحييكم جميعا بشدة على تعليقاتكم المشجعة .. ولازلت أعتذر عن تأخري في زيارة مدوناتكم في الوقت المناسب وذلك بسبب انشغالي الشديد .. على وعد بأن أتواصل معكم جميعا بإذن الله
المجتمع نفسه بيفرض علي المصري تكوين شخصية متضاربة ، رغم انها عارفة الصح من الغلط ، و اللي مش هايعمل زي ما المجتمع ماشي ، هايتقاله عليك واحد...
لك مني أجمل تحية...