ألف باء الإدارة الإقتصادية

بداية لابُد منها، هل تعلمون نظرية "ماسلو" والتي أطلقها عالم النفس الأمريكي الشهير "إبراهام ماسلو" والتي تتحدث عن هَرَم إحتياجات الإنسان؟ كان ماسلو قد قام بترتيب إحتياجات الإنسان بشكل هَرَمي كما يلي وفقا للأهم فالأقل أهمية

أولاً: الإحتياجات الفسيولوجية من طعام وشراب وجنس

ثانياً: الحاجة إلى الأمن والحماية والأمان الوظيفي

ثالثاً: الحاجة إلى الانتماء، لوطن أو عقيدة أو حتى نادي رياضي

رابعاً: الحاجة إلى الإحترام والتقدير

خامساً: الحاجة إلى المعرفة

سادساً: الحاجة إلى الجمال والفن

سابعاً: الحاجة إلى البحث عن الحقيقة

ثامناً: الحاجة إلى التفوق والسمو

هل كانت هذه المقدمة صادمة إلى حد ما؟ لا تهمُني الإجابة بقدر ما يهمُني هو أن نعيَ أن حقيقة الحياة مبنية على أمر هام وهو أن الحاجة إلى المأكل والملبس والمسكن تأتي في مرحلة أهم بكثير من الحاجة إلى المعرفة والثقافة والفن، تلك هي الحقيقة العارية شئنا أم أبينا، فإذا كُنتَ فقيراً مُعدماً لا تجد ما تأكل، لن تفكر أبداً ذات يومٍ لتتمتع بحضور حفلة موسيقية لعُمر خيرت في دار الأوبرا، وهكذا

والسؤال الآن، ماذا تفعل إذا أصبحتَ أنتَ يوماً مسؤلاً عن الإدارة الإقتصادية لبلادك؟ هل الموضوع هو فعلاً بسيط وسهل كما يدَّعي كُل هؤلاء الكُتَّاب في الصُحف، أوكما يخرج علينا يومياً هؤلاء المُحللين في القنوات الفضائية؟ هل تنعم مصر بالفعل بخيراتٍ وفيرة تُمكنها من تحقيق الرفاهية لهذا الشعب؟ هل لو عادت الأموال المنهوبة فسيكون ذلك كافياً لتحقيق ذلك الرخاء؟ هل الحل السحري سيكون في حصيلة تلك الصناديق المالية؟ أو في تلك المشروعات التنموية التي يتحدث عنها بعض العُلماء؟ أم أن كُل ذلك هو مُجرد كلامٌ مُرسل لا يستند إلى بيانات سليمة ولا يوجد من قام بتلك الحسابات الرقمية بعد لنتحقق من حقيقة الأمر؟ سؤال يحتاج إلى إجابة

ففي واقع الأمر، لم يثبُت لديَّ حتى الأن أنه يوجد من رأى الصورة بأكملها بكافة أجزائها، فالكُل يتحدث من زاويته الخاصة دون أن يضع في اعتباراته كافة الزوايا الأُخرى، وهذا ما أود أن أوضحه هنا ببساطة وسهولة كما سيلي

هل تعلم يا عزيزي أن هناك مُعدَّلات شهرية معروفة لإستهلاك الفرد الواحد من المأكل والمشرب والصرف الصحي والملبس والإتصالات التليفونية والمواصلات المُختلفة والكهرباء؟ رُبما كان هذا السؤال واضحاً إلى حدٍ ما، بل رُبما تمكن كُل فردٍ منكم من أن يقوم بتلك الحسابات وتقديمها لنا، والغرض من معرفة تلك المعلومة هو تحديد الحجم الإجمالي من إحتياجات الدولة من المُنتجات الغذائية المُختلفة وكذلك أنواع الوقود والطاقة المُختلفة، وذلك عن طريق حساب حاصل ضرب رقم استهلاكك الذي ستقوم بحسابه في عدد المواطنين

لكن هل تعلم أن هناك مُعدَّلات معروفة لإستهلاك الفرد من الخشب والحديد والأسمنت والألمونيوم والنحاس والأسفلت وغيرها من المواد؟ رُبما كان السؤال غريباً هذه المرة، ولكن في الحقيقة فإنك اذا تزوَّجت وقمت بحساب كميات الحديد والأسمنت التي تم استخدامها لإنشاء الوحدة السكنية التي جمعتك بزوجتك، وإذا قمت بحساب كمية الأخشاب المُستخدمة في الأبواب والنوافذ والأثاث، وإذا قمت بحساب كميات الزجاج والألوميتال والأقمشة وخلافة، فإنك ستتعرف على مُعدَّل إستهلاك الفردين معاً من كافة تلك المواد، هذا بخلاف أن نقوم بنفس الحساب لتلك المواد المُستخدمة في الأغراض العامة الأُخرى كالمُستشفيات والمدارس والجامعات والطرق والمصالح الحكومية والنوادي والأماكن الترفيهية، ففي النهاية سنحصل على متوسط استهلاك الفرد من كافة الأشياء بلا استثناء، ومنها سنتعرف على حجم إحتياجات الدولة ككل من كافة الأشياء بعد الحصول على حاصل ضرب تلك المُعدَّلات في عدد المواطنين

وإليكم أسئلة تحتاج إلى إجابة

أولاً: كُل ما فعلناه في السطور السابقة حتى الآن هو أننا حصلنا على الحجم الإجمالي للإحتياجات على مستوى الدولة، وبالتالي سنتمكن من حساب تكلفتها أو ثمن شراؤها، والسؤال الآن، هل يوجد لدينا من الأمول أو الموارد ما يكفي لتمويل وشراء وتحقيق تلك الإحتياجات؟ وما هي الحلول إذا كانت الإجابة بلا؟ هل سنقترض؟ هل سنطالب الشعب بالتقشُّف في حجم تلك الإحتياجات لتتناسب مع الدخل؟

ثانياً: ما هو مُعدَّل الزيادة السنوية في عدد السكان؟ وبالتالي ما هو حجم الزيادة السنوية في حجم تلك الإحتياجات؟ وكيف سيتم تمويل تكلفة شرائها؟ وهل يتزايد الدخل العام للدولة ليُغطي تلك الزيادة في الإحتياجات بنفس النسبة؟ وما هو الحل إذا كانت الإجابة لا؟

إن الإدارة الإقتصادية للدولة أمر جسيم، فهي من الحجم الرهيب لدرجة أن جميع عناصر الحياة قد تم توزيعها على ما يقرب من الثلاثين وزارة، وكل وزارة منها تعني بمجال ما أو أكثر، فتقوم بحساب إجمالي إحتياجات الدولة من ذلك المجال، وتقوم بحساب تكلفة تلك الإحتياجات ومُعدَّل نموها السنوي، ثم يتم تجميع ذلك كله عند رئيس الوزراء للثلاثين وزارة معاً، وإذا وجد رئيس الوزراء أو رئيس الدولة أنه قد لا يستطيع أن يفي بجميع تلك المطالب المالية لكل الوزرات معاً، فسيضطر حينها إلى أن يدخل في حساب الأولويات، ويؤجل ما يُمكن تأجيله

هل لاحظتم كم هو صعب أن نقوم بحساب حجم الإنفاق الضخم الذي تحتاجُه الدولة؟ فما بالكم بحساب الموارد المطلوبة لتغطية هذا الإنفاق الرهيب؟ وما هو السبيل نحو تنمية تلك الموارد وتنويعها وزيادتها لتتناسب مع حجم الإنفاق؟ وكيف يتم خلق موارد جديدة للدخل دون أن نتكبد تكاليف إنشائية جديدة قد يتم إضافتها إلى التكاليف التي هي موجودة بالفعل على كاهل الدولة؟ وكيف يتم الحفاظ على مُعدَّلات مُتزايدة لذلك الدخل لتتناسب مع مُعدَّلات تزايد الإنفاق المطرد بسبب زيادة عدد السكان؟ من يمتلك تلك المعلومة الصحيحة التي تُمكننا من أن نقارن بين الدخل والإنفاق على مستوى الدولة؟ كيف نتجنب الإقتراض وفوائده المالية؟ أسئلة لازالت جميعها تحتاج إلى إجابة

مفاجأة لابد من ذكرها: كُل ذلك ونحن لا زلنا نتحدث عن أولى مراحل هرم ماسلو الشهير، راجع النظرية أعلاه

تعليقات

‏قال د/دودى
كل ده و احنا بنحاول فى اول درجه ,,,و طبعا هنفضل طول عمرنا فيها فى حين ان البلاد التانيه قربت تخلص و شغاله فى الاكتفاء النفسى و يا حزنى ...
‏قال أنا - الريس
بص يا مستر أحمد ، رغم معرفتي بهرم ماسلو لأني يمكن درسته في الكلية لأني مدرس ، ورغم تعقيد ودقة الحسابات لكن هناك شيء أهملته في اعتقادي اهمية رقم واحد في الهرم وهيا البني أدمين اللي هيديروا العملية كاملة ، أنا ممكن أختار واحد يقوم بعمل عشرة وممكن أختار عشرة يقوموا بعمل واحد .

مثال : الصين ما هي بتدار برضوا رغم العدد المهول من حكومة واحدة وحتي لو كانت قطاعات فبرضوا في النهاية .

انا شايف إن هرم ماسلو ممكن يتحقق بسرعة في مصرنا العزيزة إذا أخترت الرجل المناسب في المكان المناسب مع العلم بألا تأخنا شفقه بالمقصر لأن التقصير سينجم عنه خلل في مكان ربما لا يسد غيره فيه .

إذا وضعنا الرجل المناسب في المكان المناسب فتأكد أن كل شيء سيصبح ورديا حتي لو تكن هناك خيرات ، لأن تلك الوضعية تجعلنا الاشخاص المسؤليين يهتموا بتنيمة المجتمع " البشر " اللي هما هيدخلوا للبلد أكتر ما هيهلكوا منها .
‏قال عين فى الجنة
من اجل ذلك تخلصت الحكومات السابقة من معظم ادوات الانتاج لصالح القطاع الخاص هروبا من الاجابة على هذه الاسئلة
أزال المؤلف هذا التعليق.
يعم سيبك انت من الكلام ده - الدستور اولاً
‏قال Unknown
كلمة قيلت بالماضى
(لا كرامة لجائع)
كلمة قاسية
ولكنـها
حقيقية
واضح ان العملية معقدة و اعقد مما نتخيل
لكن يجب ان نبحث عن الرجل الذي يستطيع النظر بعيون الصقر الي المشهد الكامل للاوضاع في مصر حتي لا نصاب بالازمات الناتجة عن الرؤية التجزيئية
‏قال Esmat
وهو ده اللى بدؤا يعملوه بالظبط معانا..إرهابنا بالحرمان من الامان ولقمة العيش،ويعيشونا فيه،ويبقى دول بس اللى مفروض نطالب بوجودهم،وننسى أى مطالب أخرى ليست أولوية ولا ذات قيمة فى الوقت الحالى،فى سبيل أن نعيش،
‏قال r
الجوع كافر
فعلا ولكن بمجرد توفره هندور على اللى بعده -الامان
واحيانا الامان اكبر لان الخوف ممكن ينسينى اى حاجه الا الخوف

الاحتياجات الهرميه رمسئوليه للجميع ولكن اولى الامر هم المسئولين الاول ولابد من محاسبتهم على ذلك فى الدوله وخاصه مع القسم لخدمه الشعب
‏قال Dr Ibrahim
المشكلة فى الإدارة..عندك مثلا سنغافورة كتبت موضوع عنها من هنا لاعندها مياه ولابترول ولا حتى رمل وعملت نهضة بقت من كبار الدول المصنعة للبترول..
وشوف دخل الفرد هناك كام...
الحكومات الذكية وطوائف الشعب التى توحدت على المشروع القومى تاركة الخلافات جانبا والاهتمام بالتعليم..لان كل العوامل مرتبطة ببعضها

تحياتى لك
هرم الإحتياجات نظرية معروفةمن زمان و كل يوم تثبت تجارب الحياه صحتها
وفر للإنسان إحتياجاته الأساسية أولا ليستطيع أن يستخدم المزايا الإضافية الموجودة فيه و التى تميزه عن الحيوان
فعلا الإدارة الإقتصادية لبلد أو حتى بيت صغير مهمة مش سهلة أبدا
‏قال sherehan84
شكرا على اهتمامك بمرثاتي لأبي وشكرا على تعليقك ودخولك لمدونتي بعد الفترة الطويلة اللي انا كنت بعيدة فيها..
وربنا يكفيك شر فراق أحبابك ..
‏قال Unknown
عدنـــــا
:)

إزيك يا باشمهندس؟
أعتقد أننا ينقصنا نظام احصائى متكامل , تجتمع فيه البيانات بشكل دقيق و يتم تحديثة بشكل دورى.

نحن بكل بساطة ينقصنا المعلومات , التى ستساهم فى تحديد المشكلات التى تواجهنا .. حتى نبدأ فى حلها بشكل علمى و بترتيب الأولويات , حجم المعلومات التى ذكرتها و الكثير مثلها لازلنا للأسف لا نملكه , أو نملكه بشكل مشوه بفعل نظام فاسد أراد أن يزور و يفسد و يخفى أخطاؤه بل و أحيانا يحولها لنجاحات وهمية.

MeshMesh
‏قال max.adams
لا يوجد ما أقول .. فقط يمكنني أن أخبر الآخرين كم هذا معقد

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

في الذكرى السنوية العاشرة

كفاءة كفاءة

كيف تأتي الأطفال؟