إنَّه الإقتصاد أيها الغبي



فلينشغل النظام الحاكِم الجديد بما يشاء، دعوهم يهتمون بالتمكين مِن السُلطة وببسطِ نفوذهم هُنا وهُناك، لينتقموا مِن سنواتٍ سابقة عاشوا فيها مظلومين – كما يقولون – فيهرعون الآن إلى إقصاء كُل مَن هو دونهم، وليكون شُغلهم الشاغِل هو المُعترك السياسي ليل نهار، وليمضوا أغلب أوقاتهم في التبرير لما يفعلونه، لا تنزعجوا مِن كُل ذلك، فالشعوب لا تتعلَّم مِن أخطائِها إلاَّ بثمنٍ باهِظ، إنَّها حِكمة الحياة، وكُل ذلك له نهاية، بل ونهاية قريبة جداً، ذلك لأنَّ محور الحياة الحقيقي هو الإقتصاد ولا شيء غيره، وهو الذي يُشارف على الإنهيار في غضون شهور ثلاثة فقط، إلا إذا تمَّ تدارُك الأمر مِن الآن وبسُرعة.
أذكر أنَّه في تُركيا ذات يوم، وصل إلى سدَّة الحُكم حِزبٌ يمينيٌ مُماثِل كما حدث بمصر، لكنَّ ذلك الحزب حينها سلكَ طريقاً رائِعاً بأن نحَّى كُل الأمور الخِلافية جانباً، ولم يصُب الرُعب في نفوس الأقليَّات أوالمُبدعين أو المًختلفين معهم سياسياً، فاهتمَّ ذلك الحِزب بالإقتصاد والإقتصاد فقط، فتحولت بعدها تُركيا في غضون عشرة أعوامٍ إلى دولةٍ مِن الدوَل العشرين الكبار عالمياً، وتحسَّن المُستوى المَعيشي للمواطِن التُركي، وهو ما جعل الجميع هُناك يلتفون حول ذلك الحِزب ويُقدِّرُونه، وبالذات مِمَّن لم يقوموا بانتخابه قبل أن يكونوا مِمَّن انتخبوه، أمَّا في مصر فقد سلكَ النظام الحاكم طريقاً مُعاكساً تماماً في كُلِّ شيء.
إنَّه الإقتصاد أيها الغبي، عبارةٌ مشهورةٌ قالها المُستشار الإقتصادي "جيمس كارفيل" للرئيس الأمريكي بيل كلينتون حينما خاض انتخابات الرئاسة الأمريكية قبل عام 1992 حيث كان كلينتون يُواجه مشاكِل عديدة في حجم شعبيته في مُقابل جورج بوش الأب، لم يكُن لدى كلينتون حينها برنامج واضح المعالم وكانت الولايات المُتحدة الأمريكية بحاجةٍ ماسة إلى قراراتٍ وبرامج قوية لتتجاوز عقباتها الإقتصادية ولتُحقق العديد مِن الإحتياجات الأساسية للشعب الأمريكي آنذاك. أدرك حينها "جيمس كارفيل" هذه الحاجات، فما كان مِنه إلاَّ أن نطق بجُملته الشهيرة: إنَّه الإقتصاد أيها الغبي، فأصبحتْ هذه العبارة هي المُحرّك الرئيسي وراء حملة بيل كلينتون الإنتخابية، فتمَّ تصميم البرامِج والقرارات والخِطط التي زادتْ مِن شعبية كلينتون وساعدته على الفوز برئاسة الولايات المُتحدة الأمريكية.
لكنَّ الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد، فقد حرص كلينتون على تطبيق كُل ما جاء في برنامجه الإنتخابي، وهو ما جعل عصر كلينتون مِن أزهى العصور الإقتصادية حينذاك. هل يُذكركم ذلك ببرنامج مشروع النهضة؟ هل تمَّ تطبيقه بعد الفوز بالإنتخابات المصرية؟ أم أنَّه لم يكُن هُناك برنامج مِن الأساس؟ أعتقد أن الحالة الإقتصادية المصرية اليوم تُجيب على ذلك السؤال بنفسها، فقد مرَّت ثمانية شُهور ولَم نرى شيئاً حتى الآن، لا البرنامج ولا تطبيقه.
أكتب ذلك وأنا على يقين مِن أن التبريرات ستكون كثيرة، فليكُن، ففي النهاية لَن يصِح إلاَّ الصحيح، وسيكون الإقتصاد هو المقبرة التي ستودي بحياة نظام جديد ما لبث أن بدأ مُنذ أقل مِن عامٍ واحد! ولابُد هُنا مِن أن أترك الإقتصاد للحظات وأذكر نُقطتين هامتين:
أولاً: النظام الحاكِم الذي فاز بحُكم مصر كان يعلم مِن البداية أنَّ فوزه قد تحقق بأغلبية ضئيلة للغاية، وكان نصف مَن قاموا بانتخابه لم يكونوا على اقتناعٍ تامٍ به، بل كان ذلك نكايةً في مُنافس مِن بقايا النظام السابق، لذلك كان على النظام الحاكِم أن يأتي بالأفعال التي تُقنع الذين لم ينتخبوه وكذلك مَن كانوا مُرغمين على انتخابه بأنَّ قناعاتهم كانت خاطئِة، لكِنَّ ما حدث هو العكس، فقد ندم الكثيرون على ذلك وفقد النظام الكثير مِن رصيده.
ثانياً: كان النظام الحاكِم على علمٍ بأن القوى المُضادة – مِن الداخِل ومِن الخارِج - ستعمل على إفشاله وتعطيله بقوة، أي أنَّه لا مُفاجآت في ذلك على الإطلاق، وهو ما كان يتطلَّب أن تكون هُناك حِنكة في التعامُل مع العديد مِن الأمور.
وفي النهاية، لا يسعني إلا أن أقول مُجدداً: إنَّه الإقتصاد أيها الغبي، فليهتم أيُّ نظامٍ حاكِمٍ بالإقتصاد أولاً، وبعدها سيكون كُل شيءٍ مضموناً بسهولةٍ بعد ذلك، المناصِب والتمكين والشعبيَّة والتفاف الشعب، بل سيتحقق أيضاً ما هو أهم ألا وهو إلغاء التبعية الخارجية، فمَن يملك غذاؤه يملك مصيره وقراره، اللهم قد بلَّغت.
 

تعليقات

‏قال الميكروباص
إن شاء الله لما يعرف يلم التكاتك من الشارع الأول بعدها يبقى يشوف الاقتصاد
هو غبي ده وصف ولا شتيمة !!!ا
‏قال Foxology
اسمح لي في أول زيارة أن أحييك على التدوينة المفيدة :)

تقبل مروري وتحيتي
هو الأقتصاد فعلا
اما الجزء الأول من التدوينه فلا ارى اثر له بدليل سوا ادعائات الإعلام المرسله احيانا والكاذبه معظم الأحيان
‏قال غير معرف…
سيبهم يا خدوا مكانهم في مزبله تاريخنا
‏قال وينكى
هو انا ليه حاسه ان كل الشعب المصري فاهم سياسة وعارف العلة وعلاجها إلا اللي فعليا ماسكين البلد؟؟؟

الدنيا بتغلي والناس كلها مش راضية ومن اصغر واحد لاكبر واحد فى البلد شايف ان اللي هايعيشه فى امان ورخاء هايديله دماغه.. لكن اللي بيحصل دلوقتي من الحزب الحاكم مش اكتر من تمكين قهري وتصفية حسابات بشكل خاطئ جدا

مقال اكتر من رائع يا مراكبي.. نفسي المعنيين بالموضوع هما اللي يشوفوه
‏قال غير معرف…


ثقافة الهزيمة .. أرجوك لا تعطنى هذا السرطان

"مرسى" لأهالى مطروح: المشروع النووى فى الضبعة.. و"ما أدراكم ما الضبعة!" قال الرئيس "مرسى" للأهالى إنه يسعى لإنشاء 5 مشروعات نووية لتوليد الطاقة الكهربائية، وليس مشروعاً واحداً فى الضبعة، ومازح الأهالى قائلاً: "الضبعة.. وما أدراك ما الضبعة"

و نشرت مجلة دير شبيجل الألمانية فى 19 مايو 2011 "الفلبين : أطلال المفاعل النووى باتان مزار للسياح " كارثة فوكوشيما أعطت رد فعل ، المفاعل النووى الوحيد فى الفلبين
Bataan لم يتم تشغيله أبدا و لم ينتج كيلو وات واحد من الكهرباء للأن و سيظل هكذا مستقبلا ، و الأكثر من هذا أن المفاعل النووى الذى يقع على شبة جزيرة باتان أصبح منذ مايو 2011 مزار للسياح.

و نشرت صحيفة Wirtschaftsblatt النمساوية فى 17 نوفمبر 2011 "تجارة خطرة مع المفاعلات النووية " على مستوى العالم سينخفض نصيب الكهرباء المولدة من الطاقة النووية من 16 % الأن إلى 6 % بحلول عام 2050 . ليس فقط كوارث المفاعلات النووية مثل فوكوشيما، بل إيضا مشاكل البيئة مثل مياه تبريد المفاعلات النووية ، كل هذا يؤدى إلى الأعتراض. ألمانيا قررت بعد الكارثة النووية فى فوكوشيما إنهاء الطاقة النووية ، وبجانب ألمانيا قررت 6 دول أخرى كانت لديها خطط للطاقة النووية تغيير أستراتيجيتها.

و نشرت صحيفة دير شتاندرد النمساوية فى 26 مايو 2011 "سويسرا أبتداء من عام 2034 بدون طاقة نووية" سويسرا تنهى الطاقة النووية على خطوات، هناك 5 مفاعلات نووية فى سويسرا و قررت الحكومة السويسرية أنه بعد أنتهاء العمر الأفتراضى للتشغيل لها و يقدر ب 50 سنة لن يتم أحلالها ببناء مفاعلات نووية جديدة. بعد الكارثة النووية فى فوكوشيما باليابان لم يعد ممكن التفكير فى التوسع فى الطاقة النووية، و بدأ الأتجاة بصورة أقوى إلى الطاقات المتجددة.

و نشرت صحيفة دى برسة النمساوية فى 2 نوفمبر 2011 "بلجيكا تخطط لأنهاء الطاقة النووية" الحكومة الحالية تريد أبتداء من عام 2015 أنهاء الطاقة النووية، وأغلاق ال 7 مفاعلات نووية فى بلجيكا تدريجيا.

و نشرت صحيفة دير شتاندرد النمساوية فى 15 يونيو 2011 إيطاليا تظل خالية من الطاقة النووية، هو قرار الإيطاليين فى أستفتاء شعبى و الذى صوت بنسبة 95 % ضد الطاقة النووية. ..باقى المقال بالرابط التالى

www.ouregypt.us

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

في الذكرى السنوية العاشرة

كفاءة كفاءة

كيف تأتي الأطفال؟