حلم مفقود
كان عمي يحبني كثيرا .. كان يعتبرني صديقا له برغم فارق العمر الكبير نسبيا فيما بيننا .. ربما كان ذلك بسبب غياب أولاده للعمل خارج البلاد .. ربما كان يتلمس في صحبتي السلوى والتعويض عما يفتقده من مشاعر الأبوة .. وربما لأنني أنا أيضا أحس بالقرب منه لأنه يشبه والدي في كل شيء تقريبا .. المهم أنني كنت أبادله نفس الحب وأكثر
كنت أشعر بأن عمي يحصي الأيام الواحد تلو الآخر وكأنه يريدها أن تمر سريعا .. كان الوحيد الذي أراه يسعد عندما يمر يوم ويأتي يوم جديد .. كان ذلك على عكس الشعور السائد لدى الجميع بأننا لا نريد للأيام أن تمضي سريعة لأنها دليل على إنقضاء العمر القصير .. فالأعمار قصيرة مهما طالت .. لكن عمي كان يتعجل الأيام وكأنه كان ينتظر أن يحدث شيئ ما ينتظره منذ زمن بعيد
قال لي ذات يوم: تعال معي لأريك شيئا جميلا .. كنت أرى بريق السعادة في عينيه وهو يدعوني لصحبته .. ولم أشأ أن أفسد على نفسي المفاجأة فلم أسأل حينها عن ماهية ذلك الشيء .. ذهبت معه ثم توقفنا بجوار منزل صغير قيد الإنشاء .. دعاني لدخول ذلك المنزل الذي أخبرني أنه يمتلكه الآن .. أخذ يصف لي كل شيء فيه .. قال لي إنه يتمنى أن يقيم هو وأولاده في منزل واحد معا .. إنها حلم حياته الذي حلم به منذ أن كان صغيرا وينتظر الآن أن يتحقق .. أشار إلى الباب الأول وقال: هنا سأقيم أنا وزوجتي بإذن الله .. ثم صعدنا إلى الطابق التالي وأشار إلى الأبواب المتقابلة وقال: وهنا سيقيم أولاد عمك مع زوجاتهم عند عودتهم من الخارج .. سأصعد إلى هنا كل يوم لأطرق الباب الأول وأدخل لأقيم ساعة مع ابني الأول وزوجته واولاده .. ألعب معهم وأستمع لأخبارهم وأشاركهم في حل مشاكلهم .. ثم أخرج لأطرق الباب الثاني لأجلس مع ابني الثاني وزوجته وأولاده .. أتعرف على أحوالهم وأستمتع بصحبتهم .. ثم أنزل إلى منزلي لأرتاح وأنتظرهم جميعا في المساء ليزوروني ونتسامر جميعا حتى منتصف الليل .. وضحك .. فضحكت معه
كان عمي سعيدا جدا وهو يحكي لي عن كل ذلك .. كان يتحدث بحماس وصدق شديدين لدرجة جعلتني أشعر بأنني أعيش كل تلك الأحداث معهم .. أصابني الحماس أنا أيضا لنفس الفكرة وتمنيت لو أن أبي يفعل نفس الشيء معي أنا واخوتي .. بل انني كنت على وشك أن أطلب من عمي أن يوافق لي على أن أقيم معهم في هذا الجو العائلي الجميل .. كنت مستعدا أن أشارك بأموالي في بناء هذا المنزل الصغير الحجم الكبير المعنى مقابل أن أستمتع بذلك الدفء الرائع
لا أدري ما الذي ذكرني بذلك المنزل الآن .. ربما لأنني كنت أزرو أحد أصدقائي بالقرب من نفس المنطقة التي يكمن فيها ذلك المنزل .. الغريب أنني تعرفت على مكان ذلك المنزل بسرعة وتوقفت بسيارتي بجواره .. لم يتغير شكله منذ خمسة عشر عاما وحتى الآن .. ربما فقط أصابه الإتساخ لكنه لا يزال يبدو جميلا ودافئا كما شعرت نحوه منذ زمن .. أبتسم ابتسامة حزينة وأنا أتذكر أولاد عمي الذين لم يعودوا إلى الوطن أبدا .. وأتذكر عمي الراحل الذي رحل منذ سنوات هو وحلمه معا في آن واحد
تعليقات
شكرا لكلماتك الحانية
تحياتى
قسوة الثلج والغربة قد تُنسى أحدهم معنى الإحساس بالدفء ..كما قد تُشعر آخر بمدى حرمانه منه
لماذا دوما نكون ..الآخرين
افتكرت اغنيه محمد فؤاد
عديت على البيت اللى كان فيه الحبايب راجع ملينى الشوق ولهفه قلبى
تحياتى
الوجع فيها منطقي يضاف لكل اوجاعنا الاخري!!
صدقنى
الله يرحمه
لأولاده وأحفاده
أن يجمعهم البيت
الكبير ومهما كبر
الأولاد سيظلون كما
هم فى عيون أبائهـم:
صغارهم الأعزاء.
اوى يامراكبى
رحمة الله على الجميع
احلام كتير بس للاسف بتفضل احلام
لأنها لمست حلم فيا عارفة أنه مفقود مقدماً
هذا ليس زمن العائلة والدفء
زمن الوحدة والبرد الآلة
:'(
ولكن سنة الله في خلقه الآن
ولكن لا نستطيع أن نعيش
بدون أحلام
لأن بدونها نحن اجساد بلا أرواح
تحياتي
و اكيد انا معاهم
ان القصة فيها دفا
صحيح الدفء
هوه الحلم الذى لم يتحقق
لكن العجيب ان كان حاضر
بشكل رهيب و مكثف بين السطور
دايما رقيق و عندك ونس
يا نبع الحكمة
خالص ودى يا غالى
تحقق أم لم يتحقق
طالما الرغبة فى لم الشمل موجودة ستخرج بالتأكيد أسرة صالحة
دمت بخير
يا بشمهندس
رائعه والله جميله تلك القصه
فيها من الشجن ما
يكفينى
واشبهه بالوحده العربيه الحلم المفقود
بارك الله لك
قصه رائعه
ويرحم أحلامه وأحلامنا
حتى لو كان بسيط، اهو كان بيحلم انه يجمع الناس كلهم في مكان واحد
يا خساره
يعنى انا شفت اسوا من كده بس طلعا ما كانتش اب وولاده
!!
ولكن لازم نتمسك بالاحلام حتى وان عجزنا عن تحقيقها
تحياتي
جميل وكل ما اقرأ لك حاجة
باتأكد من دا
كلنا عابرون
بس مين يحس
لك تحياتى وتقديرى
دعوة خاصة
والانكى ان هناك الكثير من الاحلام ماتت واصحابها هم من دفنوها
اخبارك
فاكرني؟
انا جاي اسلم وعايز اقلك ان مدونتك من المدونات القليلة جدا اللي كنت باتابعها في فترة غيابي
مبروك للانجازات الهايلة وانت تستحقها لانك بجد موهوب
بس يا مراكبي المره دي الحلم كان كبير علي الاب صغير علي الاولاد
لو الابن يدرك مدي احتياج والده و والدته له في الكبر
خايفه يمر العمر وأعيش محاصره بحرقه هذا الحلم
حلوه أحمد بس بتوجع أوي